معنى الفعل الماضي في القرآن

معنى الفعل الماضي في القرآن

معنى الفعل الماضي في القرآن الكريم عند وصف الله له معنى يختلف عن املعنى المتبادر للذهن من انتهاء حدوث الشيء في الزمن الماضي.

معنى الفعل الماضي في القرآن الكريم له معان عديدة غير المعنى المتبادر للذهن من انتهاء حدوث الشيء في الزمن الماضي.

معنى الفعل الماضي

ما هو معنى الفعل الماضي في كثير من الآيات القرآنية كقول الله تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا). وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا). وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا
(وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا).

المعنى المشهور للفعل الماضي

البعض منا أحيانا عندما يقف على قول الله: (وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) فيفهم أن الفعل الماضي هنا معناه: هو ما دل على شيء وقع وانتهى في الزمن الماضي.

وهذا المعنى نعرفه جميعا عن الفعل الماضي الذي نظن أنه ليس له إلا هذا المعنى، لكننا لو فهمنا الفعل الماضي بهذا المعنى في هذه الآية وأمثالها لأدى ذلك إلى خلل في معنى الآية: إذ يكون معناها أن الله كان في الماضي عليما حكيما، فما وصف الله في الحاضر والمستقبل.

 من هنا ينبغي أن نعلم أن المعنى المشهور للفعل الماضي إنما هو معنى واحد من المعاني التي يدل عليها الفعل الماضي، فالفعل الماضي له دلالات أخرى غير هذه الدلالة أوصلها بعض الباحثين إلى تسع عشرة دلالة.

معاني الفعل الماضي

هناك الكثير من الدلالات التي يدل عليها الفعل الماضي غير المعنى الذي نعرفه جميعا عن الفعل الماضي، سأذكر شيئا منها:

الدلالة على إرادة الفعل لا على وقوع الفعل.

كقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).

وهنا نقف عند الفعل الماضي “قمتم” لو فهمنا أن الفعل الماضي هنا يدل على حدث وقع في الزمن الماضي يكون المعنى على ذلك إذا صلينا وأنهينا الصلاة أن نقوم بالوضوء وكأن الوضوء يكون بعد الصلاة، وهذا معنى فاسد لا يمكن أن يكون هو المراد، وإنما معنى “قمتم”: أي إذا أردتم القيام للصلاة فقوموا بالوضوء أولا.

وهذا أيضا كقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ).

ففعل “طلقتم” ليس المقصود به حصول الفعل في الزمن الماضي وإلا لكان المعنى إذا طلقتم النساء في الزمن الماضي فطلقوهن مرة ثانية وهذا معنى فاسد.

لكن المراد إذا أردتم أن تطلقوا النساء فطلقوهن مستقبلات العدة بأن تطلق المرأة في طهر لم يجامعها زوجها فيه حتى لا تطول مدة العدة عليها فتستقبل الحيضة الأولى وتكون هي
القرؤ الأول على رأي من يرى القرؤ بالحيض، وهذا هو الطلاق السني، ولا تطلق المرأة في حيض لئلا تطول مدة العدة عليها لأن الحيضة التي طلقت فيها لا تحسب وإنما تعد
ثلاث حيضات بعد ذلك.

إذا الفعل الماضي في “قمتم” وفي “طلقتم” لم يدل على وقوع الفعل في الزمن الماضي، وإلا لفسد معنى الآيات، وإنما أفاد معنى إذا أردتم أن تقوموا بهذا الفعل.

الدلالة على قرب وقوع الفعل

وهذا يدل على المستقبل لا على الزمن الماضي، كقول الله تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)

فمعنى الفعل “أتى” معناه قرب وقوع الفعل والذي يؤكد ذلك قول الله: (فلا تستعجلوه) فاستعجال الشيء يدل على أنه لم يقع بعد، وإنما المعنى قرب وقوع أمر الله، وسر التعبير عن المستقبل بالماضي؛ لأن وقوعه حتمي لا محالة في الوقت الذي حدده الله فكأنه وقع بالفعل.

ومن ذلك قول المؤذن عندما يقيم الصلاة: قد قامت الصلاة. فالصلاة أصلا لم تقم فلم يدخل الإمام في الصلاة بعد وإنما معنى الفعل “قامت” أي قد قرب قيام الصلاة فاستعدوا لها.

الدلالة على طلب حصول الفعل في المستقبل

كالدعاء بلفظ الماضي فمثلا نقول: شفاك الله وعافاك، ونقول: جزاك الله خيرا. 

فهذه أفعال ماضية لا تدل على وقوع الفعل في الزمن الماضي وإنما يقصد بها الدعاء وطلب حصول الفعل في المستقبل.

الدلالة على الاستمرارية

وهذا معناه أن الفعل كان موجودا في الماضي، وموجودا في الحاضر، ومستمرا في المستقبل وذلك كقول الله تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا). وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا). وقوله: (وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا).

أي هذه صفة دائمة ثابتة لله في الماضي والحاضر والمستقبل لا تنفك عن الله أبدا.

اقرأ المزيد:

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *