عقوبة كفران النعم هي زوال تلك النعم، فقد ضرب الله لنا الكثير من الأمثلة للقوم الذين كفروا نعم الله فسلبهم الله تلك النعم.
طريق سفر قوم سبأ
كان من النعم التي أنعم الله بها على قوم سبإ أن طريق السفر بين بلاد اليمن التي كانوا يعيشون فيها وبلاد الشام التي كانوا يسافرون إليها، كان مليئا بالخيرات
من أشجار وثمار ومياه،
تلاصق القرى على طريق السفر
وكانت القرى على طريق قوم سبأ متواصلة، حيث كانت المسافة بين كل قرية والأخرى قريبة بحيث لا يشعر المسافر بشيء من ألم السفر ومشقته، فيصل قرى الشام لا يخاف
جوعا ولا عطشا، ولا يحتاج لحمل زاد فكانوا يسيرون أياما وليالي آمنين.
قوم سبأ كفروا النعم
إن قوم سبأ كان لهم حال عجيب فبدلا من أن يشكروا الله على هذه النعم سئموا منها وطلبوا أن يغير الله لهم هذا الحال وهو حال الراحة إلى حال التعب والمشقة حتى يشعروا بشيء من ألم السفر ومشقته.
فطلبوا أن يباعد الله بين هذه القرى المتقاربة على طريق سفرهم حتى يسيروا على دوابهم لكي يتفاخروا بها، وليربحوا في تجارتهم.
عقوبة قوم سبأ
لقد شرد الله قوم سبأ الذين كفروا نعمه وألحق بهم خرابا ودمارا صار حديثا للناس يتحدثون عنهم، وكانت حالتهم عبرة وعظة لغيرهم من المتعظين والمعتبرين.
فكانت حالهم هذه آية لكل من درب نفسه على الصبر على طاعة الله وغالب الشهوات، وقدر نعم الله عليه فقابلها بالشكر بدلا من الجحود والكفر، فإن الشكر
يستديم النعم ويستزيدها.
قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)
وقال الله: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
