في هذا المقال سنتعرف على حكم صلاة الجمعة ومتى كانت أول جمعة، فقد أوجب الله على عباده صلاة الجمعة كما أوجب عليهم الصلوات الخمس، ومن ترك صلاة الجمعة في وقتها جماعة أتى بها ظهرا.
معنى الجمعة
قال ابن الأثير: ” الجمعة: بمعنى المجموع … ويوم الجمعة يوم الوقت الجامع ، وفيه لغتان: سكون الميم وضمها.
وإنما سميت الجمعة؛ لأن الخلائق اجتمعت فيها، وفرغ الله -عز وجل- من خلقها فيها.
أول من سمى الجمعة بهذا الاسم
قيل: أول من سماها الجمعة كعب بن لؤي بن غالب وكان يقال لها: عروبة والعروبة. وقيل: أول من سماها الأنصار، وذلك أنهم قالوا:
لليهود يوم يجتمعون فيه كل أسبوع، والنصارى كذلك، فهلموا فنجعل لنا يومًا نجتمع فيه فنذكر الله ونصلي فيه،
فقالوا: يوم السبت لليهود ، والأحد للنصارى، فاجعلوا يوم العروبة لنا، فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذٍ ركعتين وذكرهم فيه، فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم.
وذبح لهم فيه شاة فتغدوا وتعشوا من شاة واحدة وذلك لقلتهم، فهذه أول جمعة جمعت في الإسلام قبل مقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة”.[الشافي في شرح مسند الشافعي].
وجوب الجمعة وعلى من تجب
فرض الله على العباد صلاة الجمعة فأمرهم بأدائها إذا نودي للصلاة لها فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
وصلاة الجمعة واجبة على الرجال لكنها جائزة في حق النساء فإذا قمن بأدائها قبلت منهن وإذا لم يقمن بأدائها صلين ظهرا،
وليست واجبة على المريض فهو صاحب عذر، ولا على الصبي لأنه غير مكتمل العقل، لأن النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ ، أَوِ امْرَأَةٌ ، أَوْ صَبِيٌّ ، أَوْ مَرِيضٌ)[رواه أبو داود].
قال أبو بكر ابن العربي: “ومن النكت البديعة في سقوط الجمعة عن العبد ، قوله تعالى: (وذروا البيع) فإنما خاطب الله بالجمعة من يبيع ويشتري ، والعبد والصبي لا يبيعان ؛ لأن العبد تحت حجر السيد ، والصبى تحت حجر أبيه .
أما الصبي أيضا ؛ فلأنه عُدِم العقل، ولا يزال يتدرج في المعرفة بالسنن والشرائع حالًا بعد حال حتى يصل إلى حد الاحتلام ، فتلزمه الفرائض”[المسالك في شرح موطأ مالك]
وقال الإمام الخطابي: ” أجمع الفقهاء على أن النساء لا جمعة عليهن “[معالم السنن]
وصلاة الجمعة واجبة وجوب عين على الرجال البالغين، فلا تسقط عن أي واحد منهم إلا بسبب عذر يسقط الجمعة فحينذ يؤديها ظهرا.
قال ابن رجب: “صلاةُ الجمعةِ فريضةٌ من فرائِض الأعيانِ على الرجالِ دونَ النساءِ، بشرائطَ أُخَرَ، هذا قولُ جمهورِ العلماءِ، ومنهم من حكاه إجماعًا كابنِ المنذرِ “[تفسير ابن رجب الحنبلي].
عقوبة تارك صلاة الجمعة
توعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التاركين لصلاة الجمعة بوعيد شديد فقال وهو على أعواد منبره: (لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ)[مسلم].
أول جمعة جمعت بالمدينة
أول من صلى بالناس الجمعة قبل قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- على المدينة هو أسعد بن زرارة، وذلك كان في هزم النبيت وهو موضع بالمدينة، فلما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة نزل بقياء ثم خرج في يوم الجمعة فأدركته الصلاة في بني سالم بن عوف فصلاها بهم.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَكَانَ قَائِدَ أَبِيهِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بَصَرُهُ ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَحَّمَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ، فَقُلْتُ لَهُ: إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ تَرَحَّمْتَ لِأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ، قَالَ:
” لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِنَا فِي هَزْمِ [موضع بالمدينة] النَّبِيتِ [حي من اليمن] مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ فِي نَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ: نَقِيعُ ]النقيع بطن من الأرض يستنقع فيه الماء مدة فإذا نضب الماء أنبت الكلأ [الْخَضَمَاتِ ” قُلْتُ: كَمْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ ، قَالَ: “أَرْبَعُونَ”[أبو داود].
قال ابن القيم: ” وهذا كان مبدأ الجمعة ، ثم قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، فأقام بقباء في بني عمرو بن عوف ، كما قاله ابن إسحاق يوم الاثنين ، ويوم الثلاثاء ، ويوم الأربعاء ، ويوم الخميس ، وأسس مسجدهم ، ثم خرج يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف ، فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي ، وكانت أول جمعة صلاها بالمدينة ، وذلك قبل تأسيس مسجده “[زاد المعاد في هدي خير العباد]
أول جمعة جمعت خارج المدينة
أول جمعة أقيمت خارج المدينة بعدما صلاها رسول الله كانت في بلدة اسمها جوثاء بالبحرين.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَسْجِدِ عَبْدِ القَيْسِ بِجُوَاثَى [اسْم قَرْيَة من قرى عبد الْقَيْس] مِنَ البَحْرَيْنِ).[البخاري].
قال ابن رجب: ” أنه لم يجمع في الإسلام بعد التجميع بالمدينة إلا في مسجد عبد القيس بالبحرين، فكأن أول بلدٍ أقيمت الجمعة فيه المدينة، ثم بعدها قرية جوثاء بالبحرين”.[فتح الباري لابن رجب]
للاطلاع على المزيد: