هل هناك دليل من القرآن على وقوع الكرامات لأولياء الله ممن ليسوا برسل ولا أنبياء؟ هذا هو ما سنتعرف عليه في هذا المقال
الكرامات في القرآن
القرآن الكريم يشتمل على الكثير من الكرامات التي أثبتها الله -عز وجل- لبعض عباده ممن ليسوا بأنبياء.
الإتيان بعرش بلقيس
لما طلب نبي الله سليمان من الملأ حوله أن يحضروا له عرش بلقيس قبل أن تأتي إليه قوم سبأ، رد عفريت من الجن وقال: (قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ).
ثم رد بعد ذلك رجل من قوم سليمان يدعى آصف قال: (أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ) بما آتاه الله من العلم.
واستطاع أن يحضر له عرش بلقيس قبل أن تحضر إلى سليمان، وهذا الفعل في حد ذاته إنما يعتبر خرقا لنواميس الكون.
فليس أحد من الناس يستطيع أن يفعل هذا الأمر، ومع ذلك فعله آصف الذي لم يكن نبيا ولا رسولا وإنما كان من أتباع نبي الله سليمان.
فإذا كان الله -عز وجل- قد أحدث هذه الكرامة لهذا الرجل بسبب نبي الله سليمان ألا يمكن أن يحدث الله كرامة لأحد من أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- إكراما لنبيه.
إذا هذه الكرامة التي حدثت لهذا الرجل لم تكن قادحة في معجزات سليمان -عليه السلام- وانما كانت مؤكدة لصحة ما جاء به سليمان.
كرامة مريم بنت عمران
إذا تأملنا في حال مريم -عليها السلام- فمريم -عليها السلام- كان يدخل عليها نبي الله زكريا فيجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، فيسألها أنى لك هذا؟
قالت: (هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ).
هذا الأمر في حد ذاته يعتبر خرقا للنواميس في هذا الزمن ومريم -عليها السلام- لم تكن واحدة من الأنبياء.
يشترط في النبي أن يكون رجلا
فإن النبي يشترط فيه أن يكون رجلا لأن النبوة ينبني أمرها على مخالطة الأعداء ومجاهدة الكفار. وعلى الاختلاء ببعض الناس، وهذا امر لا يليق بالنساء لأنه يجلب الريبة والشك فيهن وأمر النساء مبني على الستر.
فمريم قطعا ليست من الأنبياء وإنما هي من أولياء الله -عز وجل-.
وقد أحدث الله لها تلك الكرامة فمريم -عليها السلام- ولدت عيسى عليه السلام بغير أب، هذا الحدث في حد ذاته إنما هو أمر خارق للعادة لكنه في حق مريم كرامة لها وفي حق عيسى -عليه السلام- معجزة له لأنه نبي من أنبياء الله.
كرامة أهل الكهف
لو تأملنا في حال أهل الكهف هؤلاء الذين ناموا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعة، لم تتغير أجسامهم وقاموا من نومهم وكأنهم ناموا بالأمس، لم يحدث فيهم أي تغيير.
أهل الكهف هؤلاء لم يكونوا أنبياء وإنما كانوا فتية صالحين أكرمهم الله تعالى بتلك الكرامة التي هي أمر خارق للعادة ولا يمكن لأحد من الناس أن يحدث مثل هذا الأمر بان يحفظ إنسانا لمدة ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا.
فهذه كرامة وهي أمر خارق للعادة أراد الله -عز وجل- أن يثبت لهؤلاء في هذا الزمان أن الله قادر على إحياء الناس بعد موتهم فأقامهم الله من نومهم وتحدث الناس إليهم ثم بعد ذلك ماتوا في موضعهم.
هذا أيضا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الله يحدث الكرامة لأوليائه من عباده من أتباع الرسل والأنبياء.
كرامة عمر بن الخطاب
سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يوما واقفا على المنبر يخطب في الناس وكان قد أرسل جيشا قبل ذاك.
فسمعه أهل المسجد وهو يقول: يا سارية الجبل يا سارية الجبل.
وهو يرفع صوته بذلك فلما جاء رسول هذا الجيش إلى عمر -رضي الله عنه- وسأله عمر عما حدث لهم أخبره بأنهم قد هزموا من عدوهم، حتى سمعوا صائحا يصيح بهم يا سارية الجبل يا سارية الجبل.
قال فاحتمينا يا أمير المؤمنين بالجبل فجعلنا الجبل خلف ظهورنا ليحفظ ظهورنا ونصرنا الله على عدوه.
هذه الرواية علق عليها الامام ابن حجر وحكم على هذه الرواية بالحسن. بمعنى أن هذا الحديث مقبول
كرامة خالد بن الوليد
روي أيضا أن خالد بن الوليد -رضي الله عنه- لما ذهب إلى الحيرة أخبروه بأن هؤلاء الأعاجم يسقون أعداءهم السم فأمرهم خالد أن يحضروا له هذا السم فشربه فلم يضره بشيء.
الإمام البدر العيني يعلق على هذه الرواية ويقول: إن ما حدث لخالد إنما هي كرامة له لا يجوز الاقتداء به فيها.
بمعنى أن الكرامات والمعجزات إنما هي أمور خارجة عن نظام هذا الكون وهي استثناءات يحدثها الله لمن شاء من عباده.
وهذه الاستثناءات لا يجوز لأحد من الناس أن يتعامل معها، بمعنى أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يضع يده في النار محتجا على ذلك بأن نبي الله إبراهيم ألقي في النار ومع ذلك كانت بردا وسلاما عليه.
لا يجوز الاقتداء بالأولياء ولا الأنبياء في مثل هذه الأمور لأنها استثناءات يحدثها الله لمن شاء من عباده.
