العلاقة بين السنة النبوية والقرآن الكريم

العلاقة بين السنة النبوية والقرآن الكريم

يوجد الكثير من الأمثلة التي توضح العلاقة بين السنة النبوية والقرآن الكريم، حيث إن القرآن الكريم كتاب مجمل

يوجد الكثير من الأمثلة التي توضح العلاقة بين السنة النبوية والقرآن الكريم، حيث إن القرآن الكريم كتاب مجمل لم يذكر الله تعالى تفاصيل الأحكام وإنما ترك هذا التوضيح والبيان للنبي صلى الله عليه وسلم-.

القرآن لا يستغني عن السنة

ذكر الإمام الشاطبي أمثلة كثيرة تدل على أن السنة النبوية لا غناء عنها، وأن القرآن الكريم لا يمكن أن يستغني عن السنة فهي التي توضحه وتبينه، منها:

الطيبات والخبائث

إن الله أحل الطيبات وحرم الخبائث، وبقي بين هذين الأصلين أشياء يمكن لحاقها بأحدهما، فبين عليه الصلاة والسلام في ذلك ما اتضح به الأمر، فنهى عن أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطيور، ونهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية.

المسكرات وغير المسكرات

إن الله تعالى أحل من المشروبات ما ليس بمسكر كالماء واللبن والعسل وأشباهها، وحرم الخمر من المشروبات لما فيها من إزالة العقل الموقع للعداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، فوقع بين الأصلين ما ليس بمسكر حقيقة ولكنه يوشك أن يسكر، وهو نبيذ الدباء والمزفت والنقير وغيرها، فنهى عنها إلحاقا لها بالمسكرات تحقيقا، سدا للذريعة، ثم رجع إلى تحقيق الأمر في أن الأصل الإباحة كالماء والعسل، فقال عليه الصلاة والسلام:  (كنت نهيتكم عن الانتباذ فانتبذوا وكل مسكر حرام). وبقي في قليل المسكر على الأصل من التحريم، فبين أن ما أسكر كثيره فقليله حرام.

صيد الكلب المدرب على ذلك

إن الله أباح من صيد الجارح المعلم ما أمسك عليك، وعلم من ذلك أن ما لم يكن معلما فصيده حرام، إذ لم يمسك إلا على نفسه، فدار بين الأصلين ما كان معلما ولكنه أكل من صيده،

فالتعليم يقتضي أنه أمسك عليك والأكل يقتضي أنه اصطاد لنفسه لا لك، فتعارض الأصلان فجاءت السنة ببيان ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: (فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه) ] أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الذبائح والصيد / باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة 5 / 2089 رقم 5167[.

قتل المحرم للصيد

– إن النهي ورد على المُحرِم أن لا يقتل الصيد مطلقا، وجاء أن على من قتله عمدا الجزاء، وأبيح للحلال مطلقا، فمن قتله فلا شيء عليه، فبقى قتله خطأ في محل النظر فجاءت السنة بالتسوية بين العمد والخطأ.

الحلال بين والحرام بين وبينهما متشابهات

إن الحلال والحرام من كل نوع قد بينه القرآن، وجاءت بينهما أمور ملتبسة لأخذها بطرف من الحلال والحرام، فبين صاحب السنة صلى الله عليه وسلم من ذلك على الجملة وعلى التفصيل،

أن الله -عز وجل- حرم الزنى وأحل التزويج وملك اليمين، وسكت عن النكاح المخالف للمشروع فإنه ليس بنكاح محض ولا سفاح محض، فجاء في السنة ما بين الحكم في بعض الوجوه حتى يكون محلا لاجتهاد العلماء في إلحاقه بأحد الأصلين مطلقا، أو في بعض الأحوال، وبالأصل الآخر في حال آخر فجاء في الحديث:

(أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل منها) رواه الترمذي في كتاب النكاح / باب لا نكاح إلا بولي  3 / 407 حديث رقم 1102 إلا أنه قال: فله المهر
بما استحل من فرجها
[.

ميتة البر وميتة البحر

أن الله أحل صيد البحر فيما أحل من الطيبات، وحرم الميتة فيما حرم من الخبائث، فدارت ميتة البحر بين الطرفين، فأشكل حكمها، فقال عليه الصلاة والسلام: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) ]رواه أبو داود في كتاب الطهارة / باب الوضوء بماء البحر 1 / 69 رقم 83[

دية الجنين الذي سقط من بطن أمه

أن الله تعالى جعل النفس بالنفس، وأقص من الأطراف بعضها من بعض في قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) المائدة : 45[

هذا في العمد وأما الخطأ فالدية؛ لقوله: (فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) ]النساء : 92 [

وبين عليه الصلاة والسلام دية الأطراف على النحو الذي يأتي بحول الله فجاء طرفان أشكل بينهما الجنين إذا أسقطته أمه بالضربة ونحوها، فإنه يشبه جزء الإنسان كسائر الأطراف، ويشبه الإنسان التام لخلقته، فبينت السنة فيه أن ديته الغرة، وأن له حكم نفسه لعدم تمحض أحد الطرفين له.

حكم ذكاة الجنين الخارج من بطن أمه ميتا

إن الله حرم الميتة، وأباح المذكاة فدار الجنين الخارج من بطن المذكاة ميتا بين الطرفين فاحتملهما، فقال في الحديث: (ذكاة الجنين ذكاة أمه) ]رواه أبو داود في كتاب الذبائح / باب ما جاء في ذكاة الجنين 2 / 114 رقم 2828. صح موقوفا ولم يصح مرفوعا تلخيص الحبير 4 / 157[.

مقدار ميراث البنتين

إن الله قال: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف) ]النساء : 11[
فبقيت البنتان مسكوتا عنهما، فنقل في السنة حكمهما وهو إلحاقهما بما فوق البنتين، ذكره القاضي إسماعيل.

فهذه أمثلة يستعان بها على ما سواها فإنه أمر واضح لمن تأمل، وراجع إلى أحد الأصلين المنصوص عليهما أو إليهما معا فيأخذ من كل منهما بطرف فلا يخرج عنهما ولا يعدوهما ]الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي 4 / 24[.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *