نأتي على السلوك الجنسي الثالث وهو الذي يقوم على إطلاق العنان لهذه الغريزة.
الإباحية الجنسية
بعض هؤلاء الناس لا تجد عنده حواجز يقف عندها، إنما كلما ألحت عليه غريزة استجاب له، وذلك كمثل التيس الذي يطلقه صاحبه في زريبة من الأغنام، إذا دعته شهوته استجاب لها، وامتثل لامرها.
ليست هناك حرمات وليس هناك اعتقاد يحمله في قلبه يقول له هذا يجوز أو هذا لا يجوز.
الإباحية لا تشبع الغريزة الجنسية
هذا السلوك الجنسي لا يشبع الإنسان فيه أبدا، ولا يشبع نهم تلك الغريزة، بل بالعكس كلما ازداد انطلاقا كلما ازداد نهما، وكلما ازداد نهما كلما تدرج في أدنى درجات الأخلاق.
المعاصي حلقات متواصلة
وذلك لأن المعصية إنما هي عبارة عن حلقات متواصلة، كل حلقة تجر إلى الحلقة التي بعدها حتى يجد الإنسان نفسه في القاع.
الطاعات حلقات متواصلة
وكذلك الطاعات إنما هي حلقات متواصلة، كل حلقة تجر إلى التي فوقها حتى يصل الإنسان لأعلى الدرجات.
وهذا هو معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا.
وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).
إشباع الغريزة الجنسية لا يقف عند حد
هذا السلوك لا يقف بالإنسان عند درجة واحدة، إنما هو سلوك متطور، أو بمعنى أصح قل هو سلوك متدني، أي أنه لا يقف بك عند درجة واحدة.
إنما إذا شبع الإنسان من هذا السلوك المنفلت من الميل الطبيعي ميل الرجل إلى المرأة سيتدنى درجة أخرى حتى يميل الرجل إلى الرجل وتميل المرأة إلى المرأة.
وهذا هو الشذوذ الذي تحاول تلك الدول التي انحدرت أخلاقيا أن تصدره لنا؛ لذلك كان الإسلام
صارما وقاسيا في التعامل مع مثل هذه القضايا، التي تجر إلى مراحل من التدني لا يمكن علاجه.
إصلاح المجتمع الذي انحدر
الامم التي تصل إلى هذا المنحدر الأخلاقي لا يمكن أبدا أن ينصلح حالها مرة أخرى، إنما لابد لهذا الجيل أن يفنى وأن يأتي جيل جديد.
على مدار التاريخ لم تصل أمة إلى مرحلة الشذوذ هذا وانصلح حالها بعد ذلك، لابد وان تكون نهايتها إما هلاك من الله أو فناء لهذا الجيل الفاسد حتى يأتي جيل جديد.
تعامل الإسلام مع الزنا
لذلك نجد أن الله تعالى تعامل مع جريمة الزنا بحزم وحسم، فأمرنا أولا ألا نقترب من أي شيء يقربنا من تلك الجريمة فقال الله: (ولا تقربوا الزنا).
ثم بين الله تعالى لنا شأن الزاني والزانية، أن هذا الزاني لا يميل إلا للتي تشبهه وهي الزانية، ربما لا يرغب في المرأة العفيفة لأنها لا تشبهه.
وكذلك المرأة الزانية لا ترغب إلا في الرجل الزاني الذي يشبهها، وربما لا ترغب في الرجل الطاهر الذي لا يرتكب تلك الفواحش.
فقال الله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك
وحرم ذلك على المؤمنين).
الأرواح تتآلف
وذلك لأن أرواح الناس تتآلف كل إنسان يألف شبيهه أو مثيله؛ لذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)
من أجل ذلك وضع الله تعالى الحدود القاسية المؤلمة حتى يرتدع الناس عن الوقوع في مثل هذه الفواحش.