في مقال تعريف المفتي والفتوى سنعرف معنى المفتي بأنه هو المخبر عن الله تعالى لمعرفته بالدليل.
شرح تعريف المفتي
فهو يخبرنا عن حكم الله -عز وجل- ليس لأنه يحتكر هذا الإخبار ولكن لأنه يعرف الدليل ويعرف كيف يتعامل مع هذا الدليل. ولو أن أي واحد من الناس عرف هذا الدليل وملك الأدوات التي يستطيع أن يتعامل بها مع هذا الدليل جاز له أن يخبر عن الله -عز وجل-.
تعريف الفتوى
الفتوى هذه الفتوى إنما تبنى على العرف والعادة فإذا تغير هذا العرف أو تغيرت تلك العادة تغيرت هذه الفتوى.
مثال الفتوى
لنأخذ مثالا على ذلك مثلا في مسائل الطلاق، في بعض الأزمنة كان الناس لهم مصطلحات وألفاظ إذا قالها الرجل لزوجته لا يفهم من هذا المصطلح إلا الطلاق، كقول الرجل لزوجته مثلا: حبلك على غاربك.
أو أن يقول الرجل لزوجته وهبتك لأهلك، وهذه الألفاظ في بعض الأزمنة كان لا يفهم منها إلا لفظ الطلاق. لذلك كان الواحد في هذا الزمان إذا قال هذا القول لزوجته وأتى إلى أحد يستفتيه في هذه المسألة كان يجيبه من فوره ويقول له زوجتك طالق.
لا يستفصل منه عن مقصوده ولا عن نيته لأن العرف في هذا الزمان قد جرى بأن الزوج لا يقول هذه الكلمة لزوجته إلا إذا كان يقصد بها طلاقا.
تغير العرف والزمان
يتغير هذا الزمان أو نذهب لقوم آخرين فنجد أن عادتهم في استخدام هذه الألفاظ تتغير ولا يقصدون بها دائما لفظ الطلاق،
فإذا قال الرجل لزوجته هذا اللفظ لا يجوز لنا أن نذهب إلى القوم الآخرين لنأخذ الحكم الذي طبق عليهم فنطبقه على هؤلاء، وإنما هؤلاء يكون لهم حكم آخر يختلف عن حكم الأولين. فيسأل العالم الرجل أولا ماذا تقصد من هذا اللفظ؟ إذا قال له أقصد الطلاق يوقع الطلاق، وإذا قال له أنا لا أقصد لفظ الطلاق فلا يقع الطلاق.
هذه صورة من صور تغير الفتوى باختلاف العادات وباختلاف الأعراف أو باختلاف الأزمنة.
تغير الفتوى بناء على المقصود من اللفظ
كذلك من هذه الصور مثلا أن يحلف الرجل بالطلاق على زوجته فيقول لها إن أكلتِ لحما فأنت طالق. كلمة لحم في بعض الأعراف تجد الناس لا يطلقونها إلا على لحم الطير أو لحم البهائم. ولا يقصدون بها السمك مطلقا.
فاذا أتى الرجل الذي حلف هذا اليمين إلى العالم ليستفتيه فإن أفتاه العالم بعلمه يكون بذلك قد أخطأ. أي إذا قال له: زوجتك طالق لأن السمك يسمى لحما، ولأن الله -عز وجل- قال: (وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلۡبَحۡرَ لِتَأۡكُلُواْ مِنۡهُ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُواْ مِنۡهُ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ).
فسمى الله تعالى السمك لحما، وبناء على ذلك فزوجتك طالق. إن فعل المفتي ذلك يكون قد أخطأ في فتواه؛ لأنه لابد وأن يبني فتواه على عرف الناس وعادتهم؛ لأن الأحكام مبناها على المقاصد والنيات، أي على مقصد المتكلم ونيته.
فإذا كان عرف الناس لا يستخدم ولا يطلق كلمة اللحم على السمك فإن الحكم الصحيح في هذه الحالة أن يقول العالم للرجل: زوجتك ليست بطالق لأنها أكلت سمكا ولم تأكل لحما، هل رأينا كيف أن العادات والأعراف تكون سببا في تغير الفتوى.