باب الزكاة
الزكاة في اللغة تأتي بمعنى النماء والزيادة. وفي الشرع: إخراج جزء من مال مخصوص لأناس مخصوصين بنية مخصوصة.
سميت الزكاة بهذا الاسم؛ لأن هذا الجزء الذي يتم إخراجه من المال يعود بالنماء على هذا المال، وترك إخراج هذا الجزء يعود بالنقصان عليه. فالزكاة وإن كانت تنقص المال من الناحية الحسية لكنها تعود على المال بالزيادة حيث ينمو عند الله تعالى كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ)البخاري
فرض الله الزكاة والصيام على عباده في عام واحد وهو العام الثاني من هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة.
وقيل: فرضت في مكة لأن الآيات التي أمرت بالزكاة نزلت بمكة كقول الله: (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ. وقيل: إن الأمر بأصل الزكاة كان في مكة، وأما تقدير الأنصبة وتحديد أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة فكان في المدينة في العام الثاني من الهجرة.
الزكاة واجبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فقد أمر الله بإخراجها أمرا صريحا وقرنها بالصلاة فقال: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)، والزكاة ركن من الأركان التي بني عليها الإسلام، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)البخاري
من أنكر فرضيتها فقد كفر وارتد عن الإسلام إن كان عالما بأحكامها، وقد اتفق الصحابة -رضوان الله عليهم- على قتال مانعي الزكاة، أما من امتنع عن إخراج الزكاة من غير إنكار لوجوبها وفرضيتها فلا يكون كافرا في قول أكثر أهل العلم.
الكنز هو المال الذي لا يؤدي صاحبه زكاته، فإذا أدى صاحب المال زكاة ماله لا يسمى كنزا، وقد ورد ذكر الكنز في القرآن مذموما فقال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ).
ذكر الله تعالى أصناف المستحقين للزكاة فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
الفقير: هو من ليس له مال، أو له مال لا يكفي حاجة من حاجاته الضرورية.
المسكين: هو من له مال يكفي بعض ضرورياته لكنه لا يكفي كل ضروريات حياته، وعليه فالفقير أسوأ حالا من المسكين، وقيل: العكس.
العاملون عليها: هم العمال والموظفون الذين يستعان بهم في جمع الزكاة وتوزيعها بين المحتاجين.
المؤلفة قلوبهم: هم حديثوا الإسلام الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم ويتوقع أننا إذا أعطيناهم من المال أن يقوى إيمانهم.
الرقاب: أي ننفق من أموال الزكاة في تحرير العبيد والمراد بهم المكاتبون وهم الذين تعاقدوا مع أسيادهم على أن يعطوهم مقدارًا معينًا من المال على أقساط في مقابل أن ينالوا حريتهم، فهؤلاء نعطيهم من أموال الزكاة لنسدد لهم ما عجزوا عن دفعه لأسيادهم لينالوا حريتهم.
الغارمون: هم الذين عليهم ديون وعجزوا عن الوفاء بها، نعطي هؤلاء من أموال الزكاة لنعينهم على الوفاء بديونهم.
في سبيل الله: وهم الغزاة المجاهدون في سبيل الله دفاعًا عن الإسلام الذين ليس لهم راتب معين مقابل أعمالهم هذه، فأمثال هؤلاء نعطيهم من أموال الزكاة ما يكفيهم ويكفي من تجب عليهم نفقتهم.
ابن السبيل: هو المسافر سفرا مباحا يعطى من أموال الزكاة ما يعينه في سفره ذهابا وإيابا.
زكاة المال تشتمل على: الذهب، والفضة، والأوراق المالية التي يتعامل بها الناس؛ لأنها تعتبر بديلا عن المال وتقوم بها الأشياء. قال الله: (وَٱلَّذِينَ يَكۡنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلۡفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٖ * يَوۡمَ يُحۡمَىٰ عَلَيۡهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ وَظُهُورُهُمۡۖ هَٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمۡ تَكۡنِزُونَ).
تشتمل زكاة الأنعام على: الإبل وهي الجمال، والبقر والجاموس، والغنم والماعز، وخص الشرع هذه الأنواع من الحيوان بوجوب الزكاة فيها لكثرة منافعها للإنسان.
الزروع والثمار هي الحبوب مما يكال ويدخر والثمار من التمر والعنب.
عُرُوض التجارة هي كل ما قصد به التجارة من أي جنس من الأجناس.
الركاز هو كل ما كان من دفن الجاهلية، ولا يكلف إخراجه من الأرض كثيرَ عملٍ ولا مال، ويعرف بأنه من دفن الجاهلية بوجوده في مقابرهم أو قلاعهم أو بوجود رموز لهم عليه أو بصور ملوكهم. والمقصود بالجاهلية هو كل ما عدا الإسلام قبل الإسلام.
المعدن هو كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها مما له قيمة، وهذا المعدن منه ما يذوب وينطبع كالذهب والفضة والرصاص، ومنه ما هو جامد لا يذوب بالنار كالياقوت واللؤلؤ والكحل، ومنه ما هو مائع لا يتجمد كالنفط والقير، وهذه المعادن على اختلاف أنواعها تجب فيها الزكاة.
أوجب الله تعالى الزكاة في الذهب والفضة وتوعد الذين يبخلون بها فقال: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)،
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ…)مسلم
مقدار الزكاة الواجبة في الذهب ربع العشر أي 2.5%؛ لحديث ابن عمر وعائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا فَصَاعِدًا نِصْفَ دِينَارٍ، وَمِنَ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا )ابن ماجه
إذا بلغ 85 جراما يكون بذلك قد بلغ النصاب، فإذا مر عليه عام وجبت فيه الزكاة، وزكاته تكون إما بإخراج ربع العشر جرامات من الذهب، أو قيمة هذه الجرامات من المال بقيمتها في يوم إخراجها.
طريقة حساب زكاة الذهب تكون بضرب عدد الجرامات في قيمة الجرام ثم القسمة على 40 والناتج يكون هو المقدار الذي يجب إخراجه من الزكاة، فمثلا لو كان مالك المال يملك مائة جرام من الذهب، وكان الجرام يساوي سبعمائة جنيهًا سيكون حساب الزكاة كالتالي: 100 × 700 ÷ 40 = 1750 جنيهًا.
ما كان حليا للمرأة تتزين به فلا زكاة فيه؛ لأنه ليس معدا للنماء وإنما هو مستعمل في مباح وهو التزين فيكون مثله كمثل الثياب المستعملة. فعن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حَجْرِهَا لَهُنَّ الْحَلْيُ، فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ .الموطأ
ما كان متخذا للنماء من الذهب أو الفضة فهذا لا خلاف في وجوب الزكاة فيه، قال الشيرازي: “ومن ملك مصوغاً من الذهب والفضة فإن كان معداً للقنية وجبت فيه الزكاة؛ لأنه مرصد للنماء”المهذب للشيرازي
إذا استعمل الإنسان الذهب في محرم فإنه تجب فيه الزكاة، ولا يعفيه الاستعمال من إخراج الزكاة منه، كما أعفي حلي النساء المتخذ للزينة لأنه مستخدم في مباح.
من الاستعمال المحرم للذهب أن يستعمل في الأواني كأن يتخذ الإنسان إناء من ذهب أو فضة، وهذا الاستعمال لا يعفيه من إخراج الزكاةم منه؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ شَرِبَ فِي إِنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارًا مِنْ جَهَنَّمَ)مسلم
من الذهب المحرم استخدامه ما يلبسه الرجال؛ لأنه يحرم على الرجال لبس الذهب، لذلك تجب فيه الزكاة، فعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي)أبو داود
الدر والياقوت والمرجان مما تتحلى به النساء لا زكاة فيه إلا إذا كان معدا للتجارة، قال ابن عبد البر: “وَأَجْمَعُوا أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ إِذَا كَانَ جَوْهَرًا أَوْ يَاقُوتًا لَا ذَهَبَ فِيهِ وَلَا فِضَّةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ” الاستذكار
يجب إخراج زكاة الذهب إذا بلغت قيمته ما يساوي عشرين مثقالا ومر عليه عام هجري كامل، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ولا فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالا مِنَ الذَّهَبِ شيء، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شيء) الدار قطني.
وأما وجوب مرور عام هجري كامل؛ فلقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ في مالِ زكاة حتى يحولَ عليه الحَولُ)أبو داود
المثقال هو الدينار الذهب ويساوي في عصرنا الحاضر (4.25) أربعة جرامات وخمسة وعشرون من المائة.مصطلحات الفقهاء والأصوليين
تجب الزكاة في الفضة إذا بلغ مقدار ما يملكه الإنسان مائتي درهم، ومر عليه عام هجري؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ولا فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالا مِنَ الذَّهَبِ شيء، وَلَا فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شيء)الدار قطني
الدرهم يساوي بالوزن المعاصر 2.975 من الجرامات وعليه فالمائتي درهم تساوي بالوزن الحاضر 595 جراما من الفضة.
ومقدار الزكاة الواجب إخراجها من الفضة هي ربع العشر أي ما يساوي 2.5%؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ)البخاري. والرقة هي الفضة المضروبة نقودا.
يكون حساب زكاة الفضة بضرب عدد الجرامات في ثمن الجرام ثم القسمة على 40 والناتج يكون هو مقدار المال الواجب إخراجه.
الأوراق المالية وهي العملات التي يتداولها الناس فيما بينهم اليوم ويثمنون بها الأشياء وتعتبر بديلا عن الذهب والفضة لها أحكام تتعلق بها كالزكاة.
إذا بلغ مقدار ما يملكه الإنسان من السيولة النقدية ما تساوي قيمته 85 جرامًا من الذهب عيار 24 وعلى رأي بعض الفقهاء عيار 21 ومر عليه عام هجري كامل وجب فيه الزكاة.
إذا بلغ المال النصاب ومر عليه عام كامل وجب إخراج الزكاة منه، ومقدار هذه الزكاة هو ربع العشر أو 2.5%.
لحساب زكاة المال ينظر مالك المال إلى ماله فإن وجده قد بلغت قيمته ما يساوي 85 جرامًا من الذهب عيار 24 أو 21 يقوم بقسمة هذا المبلغ على 40
والناتج يكون هو مقدار المال الواجب إخراجه، فمثلا إذا كان صاحب المال يملك مائة ألف جنيهًا يكون حساب زكاته كالتالي: 100000 ÷ 40 = 2500.
لا تجب الزكاة في الأنعام التي يقوم صاحبها بعلفها ودفع المال فيه، وإنما الزكاة تجب في الإبل التي ترعى في مرعى مباح لا يكلف صاحبه مالا، لكن إذا كان يتاجر في هذه الأنعام فتكون فيها زكاة التجارة إذا توافرت شروط زكاة التجارة.
لا يؤخذ في الزكاة شيء من الأنعام المعيبة بشيء ينقص من قيمتها؛ فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (وَلاَ يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلاَ ذَاتُ عَوَارٍ، وَلاَ تَيْسٌ إِلَّا مَا شَاءَ المُصَّدِّقُ)البخاري
دافع الزكاة لا يجب عليه أن يخرج في الزكاة أفضل ما يملكه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أرسل معاذًا إلى اليمن كان فيما قاله له: (…فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ)البخاري
قال أبو إسحاق بن قرقول: “جمع كريمة، وهي الجامعة للكمال الممكن في حقها من غزارة لبن، أو جمال صورة، أو كثرة لحم، أو صوف، وهي النفائس التي تتعلق بها نفس مالكها، ويقال: هي التي يختصها صاحبها لنفسه ويؤثرها”مطالح الأنوار على صحاح الآثار
الوقص معناه هو ما بين الفريضتين، فمثلا أول نصاب الغنم أربعين فمن ملك هذا العدد وجب عليه شاة، حتى تبلغ مائة وعشرين فإذا زادت عن هذا العدد وجب فيها شاتان لكن العدد فيما بين الأربعين إلى المائة والعشرين يسمى وقصا وهذا لا زكاة فيه.
البقر والجاموس جنس واحد لذلك يضم كل منها للآخر ويكمل بهما النصاب، قال ابن المنذر: ” وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الجواميس بمنزلة البقر” الإشراف على مذاهب العلماء
أول النصاب فيهما ثلاثون؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَفِي الْبَقَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ)أبو داود
الغنم تطلق على الخراف وهي والماعز جنس واحد لذا يضم بعضهما إلى بعض ليكمل النصاب، قال ابن المنذر: ” أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الضأن والمعز يجتمعان في الصدقة”الإشراف على مذاهب العلماء
يخرج في الزكاة من الغنم والماعز ما له سنة، وأول نصاب الغنم والماعز أربعون؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَفِي الْغَنَمِ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ، فَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْءٌ)أبو داود
ليس في الخيل ولا البغال ولا الحمير زكاة، وليس على الرجل في عبده زكاة؛ لأنه لا زكاة إلا في المنصوص عليه إلا أن تكون هذه الأنواع للتجارة.
ورد في القرآن ما يدل على وجوب الزكاة في الزروع والثمار، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) وقال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَناتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنخْلَ وَالزرْعَ مُخْتَلِفُاً أُكلًهُ وَالزيْتونَ وَالرمَّانَ فتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَا تُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّه لا يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ).
الحبوب التي يجب إخراج الزكاة منها هي كالشعير والحنطة والذرة والأرز والحمص واللوبيا اليابسة والفول، والنصاب الذي يجب فيه الزكاة هو خمسة أوسق حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ)البخاري. فالخمسة أوسق التي وردت بالحديث تساوي بالوزن الحالي بالكيلو 652.8 كجم. مصطلحات الفقهاء والأصوليين
وتساوي بالكيلة 50 كيلة بالمصري، أو أربع أردب، فإذا بلغ مقدار ما تخرجه الأرض من الحبوب هذا الوزن يكون بذلك قد بلغ النصاب الذي تجب فيه الزكاة، وعليه فلا زكاة فيما أخرجته الأرض من الحبوب حتى يبلغ هذا المقدار.
الخرص أي التخمين وهو الاجتهاد في معرفة قدر الشيء لتحديد مقدار الزكاة الواجبة فيه، وذلك بأن يقوم الخارص وهو من يقدر الزكاة بتخمين المقدار الذي على الشجر ويترك قيمة الربع أو الثلث لا يدخله في تقدير الزكاة وهذا يكون لصاحب الزرع ولأهل بيته ولضيوفه،
ثم يقدر الزكاة من الباقي، وذلك يكون بعد بدو صلاح الثمار، ولا يكون الخرص في غير النخل والعنب لورود الأثر فيهما.
المقدار الذي يجب إخراجه من الحبوب والثمار هو العشر إذا كانت الأرض تسقى بدون جهد ولا تكلفة على صاحبها كأن تروى بماء السماء أو العيون أو كان النبات له جذور طويلة يستمد بها الماء من باطن الأرض.
أما إذا كانت الأرض تسقى بجهد وبتكلفة على صاحبها يكون مقدارا الزكاة الواجب هو نصف العشر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ)البخاري
زكاة الزروع تكون على مستأجر الأرض؛ لأنه هو الذي يملك الزرع، والعبرة بملكية الزرع: “ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ … إِلَى أَنَّ مَنِ اسْتَعَارَ أَرْضًا أَوِ اسْتَأْجَرَهَا فَزَرَعَهَا، فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ؛ لأِنَّ الْغَلَّةَ مِلْكُهُ، وَالْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ بِمِلْكِيَّةِ الثَّمَرَةِ لاَ بِمِلْكِيَّةِ الأْرْضِ أَوِ الشَّجَرِ”الموسوعة الفقهية
عُرُوض التجارة: هي كل ما قصد به التجارة كائنا ما كان من أي جنس من الأجناس. “فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ كُل مَا أُعِدَّ لِلتِّجَارَةِ كَائِنَةً مَا كَانَتْ سَوَاءٌ مِنْ جِنْسٍ تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ كَالإْبِل وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ، أَوْ لاَ، كَالثِّيَابِ وَالْحَمِيرِ وَالْبِغَال” الموسوعة الفقهية الكويتية
1 – أن يكون التاجر قد ملك هذه العروض بمعاوضة كشراء. 2 – أن ينوي بهذه العُرُوض التجارة. 3 – ألا يقصد ادخار هذا المال وإنما ينوي التجارة فيه. 4 – أن يمر عام كامل من وقت ملك نصاب عُرُوض التجارة.
كيفية حساب زكاة عروض التجارة؟
إذا مر عام كامل من وقت التجارة وبلغ ما يملكه التاجر من البضائع التي يتاجر فيها ما يساوي 85 جرامًا من الذهب عيار 24 أو ما يساوي قيمة نصاب الفضة وهو ما يساوي 595 جرامًا من الفضة تكون بذلك قد بلغت النصاب. فإذا بلغت النصاب أو ما يزيد عليه وجب إخراج الزكاة منها، ومقدار الزكاة فيها ربع العشر أي 2.5%.
يضم التاجر الأرباح التي حققها أثناء العام إلى أصل المال ثم يخرج الزكاة عن الجميع في آخر العام، فلو اشترى شيئًا مثلا بمائة ألف ثم زادت قيمته في نهاية العام إلى مائتي ألف فإنه يخرج الزكاة عن المائتي ألف.
يخرج التاجر القيمة في زكاة عُرُوض التجارة بمعنى أنه يخرج الزكاة مالا ولا يخرجها من البضائع التي عنده وذلك على رأي جمهور الفقهاء خلافا لأبي حنيفة.
الركاز هو كل ما كان من دفن الجاهلية، ولا يكلف إخراجه من الأرض كثيرَ عملٍ ولا مال، ويعرف بأنه من دفن الجاهلية بوجوده في مقابرهم أو قلاعهم أو بوجود رموز لهم عليه أو بصور ملوكهم. والمقصود بالجاهلية هو كل ما عدا الإسلام قبل الإسلام.
المعدن هو كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها مما له قيمة، وهذا المعدن منه ما يذوب وينطبع كالذهب والفضة والرصاص، ومنه ما هو جامد لا يذوب بالنار كالياقوت واللؤلؤ والكحل، ومنه ما هو مائع لا يتجمد كالنفط والقير، وهذه المعادن على اختلاف أنواعها تجب فيها الزكاة.
يتم إخراج الزكاة من الركاز من وقت العثور عليها ولا ننتظر مرور الحول عليها؛ لأن الركاز مال مجموع يؤخذ بغير كلفة.
المعادن يتم إخراج الزكاة منها بعد سبكها وتصفيتها حتى نقف على الخالص منها ونستطيع أن نحدد مقدارها بعد تنقيتها مما علق بها من التراب وغيره مما لا قيمة له، ولا يعتبر فيها حولان الحول؛ لأنها كالزروع والثمار؛ ولأنه مال مستفاد لا يعتبر له الحول.
ذهب الجمهور إلى أن الركاز لا يشترط فيه أن يبلغ النصاب وإنما يتم إخراج الخمس من قليله وكثيره، وذهب الإمام الشافعي إلى اشتراط بلوغ الركاز النصاب، وظاهر الحديث يؤيد رأي الجمهور وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَفِي الرِّكَازُ الْخُمُسِ).
فقال ابن عبد البر: “وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّ الْمَعَادِنَ مُخَالِفَةٌ للرِّكَازَ؛ لِأَنَّهَا لَا يُنَالُ مَا فِيهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ بَخِلَافِ الرِّكَازِ، وَلَا خُمْسَ فِيهَا، وَإِنَّمَا فِيهَا الزَّكَاةُ وَهِيَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إِذَا حَصَلَ النِّصَابُ” الاستذكار لابن عبد البر
وقال الصنعاني عن زكاة المعادن: “اعْتَبَرَ النِّصَابَ ]أي في المعادن [الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ عَمَلًا بِحَدِيثِ: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ) فِي نِصَابِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِلَى أَنَّهُ يَجِبُ رُبُعُ الْعُشْرِ بِحَدِيثِ: (وَفِي الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ)، بِخِلَافِ الرِّكَازِ فَيَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّصَابُ” سبل السلام للصنعاني
لأن الجهد المبذول في استخراج الركاز قليل فزادت مقدار زكاته، وأما المعادن فالجهد المبذول فيها كبير فقل بسبب ذلك مقدار زكاتها.
والسند: هو عبارة عن قرض يعطيه الإنسان للشركة في مقابل فائدة يحصل عليها من وراء هذا القرض، وعليه فيعتبر حامل هذا القرض دائنا للشركة وليس شريكا فيها، وهذه المعاملة محرمة؛ لأنها ربا، فهذا قرض جر نفعا.
السهم: هو عبارة عن حصة يمتلكها الإنسان في الشركة ويكون رأس مال الشركة مكونا من هذه الأسهم، وحامل هذا السهم يعتبر شريكا في الشركة، وهذه معاملة مباحة.
العقارات التي يمتلكها الإنسان على أنواع عدة منها: مالا يُقصد منها النماء إنما هي للاستعمال والاستغلال وهذه لا زكاة فيها، ومنها ما يقصد منها النماء بقصد التجارة وهذه فيها الزكاة.
سميت زكاة الفطر بهذا الاسم؛ لأن الفطر بعد انتهاء رمضان بدخول شهر شوال هو سبب هذه الزكاة، وتسمى أيضا بزكاة البدن؛ لأنها زكاة تخرج عن بدن كل مسلم.
شرعت زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، ومنزلتها بالنسبة للزكاة كمنزلة سجود السهو للصلاة، فهي تجبر النقص الذي وقع في الصيام، وفيها إعانة للفقراء على فقرهم. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَات)أبو داود
زكاة الفطر واجبة ودليل وجوبها دخولها في مطلق قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وما أخرجه البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَة)البخاري
تجب هذه الزكاة بالفطر من شهر رمضان؛ لأنه سببها الذي تجب به، وأما وقت أدائها فيكون قبل الصلاة؛ لحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ)مسلم
قال الزركشي: “يجوز تقديمها بثلاث؛ لأن في رواية الموطأ أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة، وقيل عن أحمد رواية ثالثة: يجوز تقديمها بعد نصف الشهر،
كما يجوز تقديم أذان الفجر بعد نصف الليل، وفي المذهب قول رابع: تجوز من أول الشهر، لدخول سبب الوجوب، أشبه تقديم زكاة المال بعد النصاب، وقبل تمام الحول الذي به الوجوب” شرح الزركشي على مختصر الخرقي
تجب زكاة الفطر على كل مسلم سواء كان صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، حرا أو عبدا، كما تقدم في حديث ابن عمر بشرط أن يكون عنده ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته.
الواجب إخراجه في زكاة الفطر صاع من غالب قوت البلد، وهذا الصاع هو ما حدده النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث عبد الله بن عمر حيث قال: (أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِزَكَاةِ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ)البخاري
الصاع هو مكيال لأهل المدينة وهو يساوي أربعة أمداد، والمد يساوي بالوزن الحالي 544 جراما، وعليه بالأمداد الأربعة التي هي صاع تساوي بالوزن الحالي 2.176. كما في مصطلحات الفقهاء صـ227.
ذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد إلى أنه لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى جواز ذلك، والاختلاف بينهم قائم على أساس النظر في أصل المسألة هل هي أمر تعبدي محض بحيث لا يجوز إعمال العقل فيه وإنما نقف فيه عند حدود النص، أم أنها لا يقصد منها التعبد وإنما العقل يدرك المقصود منها كإعانة الفقراء والمحتاجين، وأن إخراج قيمة الحبوب من المال أبلغ في سد حاجة الفقراء.
تجب الزكاة في مال الصغير والمجنون إذا كان المال ناميا أو هناك من يتجر لهم في المال، أما المال إذا كان ثابتا لا نماء فيه فلا زكاة فيه لئلا تأكله الزكاة لحين وصولهم لسن البلوغ والرشد، وعذرهم أنهم لا قدرة لهم على تنمية أموالهم.
لا يجوز إخراج الزكاة من أردء شيء في المال؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).
لا تعتبر الضرائب بديلا عن الزكاة لعدة أمور: 1 – الزكاة حدد الإسلام أصناف المستفيدين منها فقال الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، أما الضرائب فلا تنفق في هذه الأصناف وحدها وربما تنفق فيها وفي غيرها.
2 – الزكاة حددها الله تعالى فحدد النصاب الذي تجب فيه الزكاة وحدد المقادير التي تخرج من كل الأموال التي تجب فيها الزكاة، أما الضرائب فإنما يحددها البشر فهي قوانين وضعية تفرضها الدولة على أهلها المقيمين بها أو القادمين إليها من غير أهلها سواء كانوا مسلمين أو كفارا، أما الزكاة فقانون إلهي ألزم الله به المسلمين فلا تقبل من غيرهم، فالزكاة تؤخذ من المسلمين وحدهم أما الزكاة فتؤخذ من المسلمين وغيرهم على حد سواء.
إذا بلغ المال النصاب وأراد أن يخرج زكاة المال قبل مرور العام عليه يريد أن يتعجل إخراج الزكاة لمصلحة يراها تصب في مصلحة الفقير مثلا جاز له أن يخرجها قبل تمام العام.
لا يجوز تأخير الزكاة عن وقت وجوبها لغير حاجة، فإذا كانت هناك حاجة تدعو للتأخير جاز ذلك، كأن يكون هناك من هم أشد حاجة ولا يستطيع الوصول إليهم إلا بعد وقت جاز له التأخير، أو كان له أقارب هم أحوج لتلك الزكاة فلا مانع من التأخير حتى يصل إليهم، أو هناك فقير لا يستطيع الوصول إليه إلا بعد مدة من الزمن، قال شمس الدين الرملي: “وله تأخيرها [الزكاة] لانتظار أحوج أو أصلح أو قريب أو جار، لأن تأخيرها لغرض ظاهر وهو حيازة لفضيلة”
باب الصدقات أوسع من باب الزكاة؛ لأن الزكاة محددة المقادير أما الصدقة فليست لها مقادير محددة وإنما أمرها متروك للمتصدق أن يتصدق بما شاء، والمستحقون للزكاة حددهم الشرع في الأصناف الثمانية أما الصدقات فيجوز إخراجها لهذه الأصناف ويجوز إخراجها لغيرهم ممن لا يستحقون الزكاة كالأغنياء وغيرهم.