كل شيء له سبب ومن أسباب سعة الرزق استجابة الدعاء بأن يكون الإنسان مأكله حلال ومطعمه حلال وأن يكون الإنسان عنده قصد في الإنفاق.
من أسباب استجابة الدعاء المأكل الحلال
أمر الله الأنبياء بأن يأكلوا الرزق الطيب وكذلك أمر المؤمنين بما أمر به الأنبياء والمرسلين بأن يحرصوا على أكل الرزق الحلال.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم).
وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك)[مسلم]
فطلب الرزق الحلال يكون سببا من أسباب استجابة الدعاء.
طلب الرزق الحلال
الرزق قد يكون طيبا وقد يكون خبيثا فما كان من حلال كان طيبا وما كان من حرام كان خبيثا، ولا يمكن للإنسان أن يميز بين الطيب والخبيث إلا بالعلم النافع؛ لذلك علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ندعوه بأن يعلمنا العلم النافع وأن يرزقنا الرزق الطيب.
عن أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: إذا صلى الصبح حين يسلم (اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا طيبا، وعملا متقبلا)[ابن ماجه]
القصد في الإنفاق
ينبغي على الإنسان أن يكون مقتصدا في كل أحواله في الفقر والغنى فإن كان فقيرا لا يقتر خوفا من نفاد الرزق، وإن كان غنيا لا يحمله غناه على الإسراف والطغيان.
قال الله : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً)
عن السائب قال: صلى بنا عمار بن ياسر صلاة، فأوجز فيها، فقال له بعض القوم: لقد خففت أو أوجزت الصلاة، فقال: أما على ذلك، فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
فلما قام تبعه رجل من القوم …. فسأله عن الدعاء، ثم جاء فأخبر به القوم:
(اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة،
وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضاء بعد القضاء،
وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة،
ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين)[النسائي]
طلب الرزق من الله
الله هو الذي يملك الملك فيهبه لمن يشاء من عباده ويمنعه عمن يشاء، وهو الذي يملك النفع ويملك الضر ولا يملك ذلك أحد سواه، وبيده الأرزاق يوسع على من يشاء ويمنع من يشاء.
فإذا طلب العبد فلا يطلب إلا من مولاه، فإنه إذا طلب من ربه كان عبدا لله، وإذا طلب من مخلوق كان عبدا لذلك المخلوق، قال الله: (فَابْتَغُوا عِندَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
عن أبي ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا،
يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم،
يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم،
يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني،
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا،
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا،
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)[مسلم]