ما يتخذه الإنسان من الذهب على نوعين: الأول: ما كان حليا تتحلى به المرأة. والثاني: ما كان متخذا أو مدخرا للنماء.
الذهب المحلى
النوع الأول: وهو ما كان حليا للمرأة تتزين به فلا زكاة فيه؛ لأنه ليس معدا للنماء وإنما هو مستعمل في مباح وهو التزين فيكون مثله كمثل الثياب المستعملة.
فعن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها كَانَتْ تَلِي بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حَجْرِهَا لَهُنَّ الْحَلْيُ، فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ .الموطأ
وأخرج الشافعي في مسنده أن ابن عمر كان يحلي بناته الذهب ثم لا يخرج منه الزكاة.مسند الشافعي
وقال الشافعي عن زكاة الحلي: “لا تجب في حلي النساء، وخاتم الفضة للرجال؛ لأنه مبتذل في مباح فشابه ثياب البذلة”العناية شرح الهداية
من أوجب الزكاة في ذهب الحلي للنساء
لكن المسألة ليست محل إجماع وإنما اختلف السلف فيها فمنهم من ذهب إلى عدم وجوب الزكاة في الحلي كابن عمر وعائشة وجابر، ومنهم من ذهب إلى وجوب الزكاة في الحلي كعمر وابن عباس وابن مسعود.
وقد استدل الذين يقولون بوجوب الزكاة في الحلي بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: (أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟) قَالَتْ: لَا، قَالَ:
(أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟) قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَلِرَسُولِهِ.أبو داود
قال أبو عمر بن عبد البر: “لكن حديث عائشة في الموطأ بإسقاط الزكاة عن الحلي أثبت إسنادا وأعدل شهادة ويستحيل في العقول أن تكون عائشة تسمع مثله من هذا الوعيد في ترك زكاة الحلي وتخالفه، ولو صح ذلك عنها علم أنها قد علمت النسخ من ذلك”الاستذكار
وبناء على هذا فحديث عائشة في عدم الزكاة في الحلي أثبت من الحديث الذي يقول بوجوبها فيه، وفي حال ثبوته فهو منسوخ.
الذهب المعد للنماء والادخار
وأما النوع الثاني: وهو ما كان متخذا للنماء من الذهب أو الفضة فهذا لا خلاف في وجوب الزكاة فيه، قال الشيرازي: “ومن ملك مصوغاً من الذهب والفضة فإن كان معداً للقنية وجبت فيه الزكاة؛ لأنه مرصد للنماء”المهذب للشيرازي