حديث: (من لم يدع قول الزور والعمل به)

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)[البخاري].

الزور هو الكذب والافتراء، والعمل بهما مما نهانا الله عنه؛ لأن الكذب والزور أصل الفواحش وقرين الشرك، قال الله تعالى: (فاجْتنبواُ الرجْسَ منَ الأَوثِان واجتِنُبوا قوْلَ الزُّورِ).

المراد من الحديث التنفير والتحذير من قول الزور والعمل به، وذلك لأن الإنسان كما أمسك عن الطعام والشراب الذين هما حلال له في غير الصيام كان ينبغي عليه أن يمسك عن الزور الذي هو حرام في الصيام وفي غير الصيام.

ولأنه ليس المقصود من الصيام الامتناع فقط عن الجوع والعطش بل يجب الامتناع عن ما يتبع ذلك من بقية الشهوات حتى يتم تتطويع النفس الأمارة للسوء للنفس المطمئنة،

فإذا لم يفعل المرء ذلك لم يكن له حظ من صيامه إلا الامتناع عن الجوع والعطش ولا يبالي الله به ولا ينظر إليه نظر قبول.

صيام من يشهد الزور ويعمل به صحيح لكنه ربما لا يحصل على أجر منه، لأن الزور الذي ارتكبه ربما يبتلع الأجر الذي حصل عليه من الصيام.

يقول الإمام أبو بكر بن العربي في المسالك في شرح موطأ مالك:

“مَنِ اغْتَابَ أو شَهِدَ زُورًا أو مُنْكَرًا لم يُؤمَر أنّ يدع صيامه، ولكنّه يُؤمَر باجْتِنَابِ ذلك، ليتمّ له أجر صيامه”. وبمثل هذا الفهم للحديث نستطيع أن نفهم الحديث الآخر للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث قال: (رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلاَّ الجوع، ورُبَّ قائم ليس له مِن قيامه إِلا السّهر).