حجية السنة النبوية في التشريع الإسلامي لا يستغنى كتاب الله عنها؛ لأن الله تعالى أمرنا أن نأخذ ما جاءنا عن رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (وما آتاكم الرسول فخذوه).
الرسول قدوتنا وطاعته واجبة
بين الله تعالى لنا أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هو القدوة والأسوة لنا، فإذا كنا قد فاتتنا صحبته في حياته، فيجب أن نتأسى بسنته بعد مماته، قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ]الأحزاب: 21[.
وبين الله تعالى أنه تجب علينا الطاعة لله، لكن كيف نعرف حكم الله وكيف نعرف أن هذا الفعل الذي نفعله إنما هو في طاعة الله، كل ذلك إنما نعرفه عن طريق طاعتنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الله
تعالى بين أن طاعتنا لرسوله إنما هي طاعة له، قال تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) ]النساء: 80[.
ووجه الله أمرا مباشرا للمؤمنين بوجوب الطاعة لله وللرسول ولأولي الأمر الذين يتبعون رسول الله في سنته فقال: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ]النساء: 59[.
بيان النبي للقرآن
بين الله أن هذا القرآن كتاب مجمل، وأنه يحتاج لتوضيح وبيان، وقد أوكل الله مهمة هذا التوضيح والبيان لرسوله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) ]النحل: 44[.
وبين الله تعالى أن كل ما يصدر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما هو من الوحي، فقال تعالى: (وما ينطق عن الهوى) ]النجم: 3[.
السنة هي المذكرة التفسيرية للقرآن
القرآن الكريم الذي هو كلام الله -عز وجل- لا يستغني أبدا عن السنة؛ لأن السنة هي التي توضحه، وتبينه، بل إن السنة تأتي بأحكام زائدة على الكتاب، فالسنة لها أحوال كثيرة مع القرآن.
قال الشيخ الخضري في كتاب أصول الفقه: “السنة تبين ما أجمل من الأحكام في الكتاب كالصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والطهارات، والذبائح، والأنكحة، وما يتعلق بها من الطلاق، والرجعة، والظهار
واللعان وغير ذلك، وهو داخل في قوله تعالى: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم).
قال رجل لمُطَرِّف لا تحدثونا إلا بالقرآن فقال: والله ما نريد بالقرآن بدلا ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا… والقرآن في حاجة للسنة قال الأوزاعي: الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب، وذلك لأنها تبين المراد منه” ]أصول الفقه للخضري 279[.
حجية السنة في التشريع الإسلامي
السنة النبوية حجة في الدين، ودليل من أدلة الأحكام، دل على ذلك كتاب الله الذي هو المصدر الأول من مصادر التشريع فقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ] الحشر: 7[.
وعن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال: “لعن الله الواشمات، والمتوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب، فجاءت فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت، فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن هو في كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه.] أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب التفسير / باب سورة الحشر 4 / 1853 رقم 4604[.
وبهذا يتبين أن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع التي أمرنا الله بها وان الطاعة للنبي –صلى الله عليه وسلم- هي طاعة لله.