تعرف على دعاء طلب الرزق

لقد علمنا رسول الله أن نطلب الرزق من الله بالتضرع إليه، ووضح لنا الأسباب التي تجلب لنا الرزق والبركة، وهذا واضح من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعلم أصحابه -وتعليمه لأصحابه تعليم للأمة- أن يطلبوا من الله أن يرزقهم؛

لأن الرزق يستعين به الإنسان على تكاليف الحياة، التي يستعين بها على آخرته، وأن يطلب الإنسان من الأرزاق الحلال ما يغنيه عن غيره من الخلق.

عن سعد بن أبي وقاص قال: (جاء أعرابي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: علمني كلاما أقوله؟ قال: قل:

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم

قال: فهؤلاء لربي فما لي؟ قال: قل: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، ‌وارزقني)[مسلم]

علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نطلب من الله الرحمة عند دخول المسجد؛ لأن داخل المسجد طالب للآخرة، وأن نطلب من فضل الله عند الخروج من المسجد؛ لأن الخارج من المسجد طالب لأمور الدنيا، وقد أشار الله لذلك بقوله:

(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

عن ‌أبي أسيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم ‌إني ‌أسألك ‌من ‌فضلك)[مسلم]

وقت البكور هو أشرف أوقات النهار؛ لأنه مفتتح اليوم وفيه تقسم الأرزاق، فيسن للمسلم ألا ينام بعد صلاة الفجر.

فقد رأى عمر بن عبد العزيز ولده نائما في هذا الوقت فأيقظه وقال له: الأرزاق تقسم وأنت نائم.

عن ‌صخر الغامدي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اللهم بارك لأمتي ‌في ‌بكورها). وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم من أول النهار. وكان ‌صخر رجلا تاجرا، وكان يبعث تجارته من أول النهار فأثرى وكثر ماله.[أبو داود]

قال ابنُ القيم -رحمه الله- في كتابه زاد المعاد: “ونوم الصُّبحة يَمنع ‌الرِّزقَ؛ لأنَّ ذلك وقتٌ تطلبُ فيه الخليقةُ أرزاقَها، وهو وقتُ قِسمةِ الأرزاق،

فنومُه حرمانٌ إلَاّ لعارضٍ أو ضرورة، وهو مُضِرٌّ جدًّا بالبدن لإرخائه البدنَ، وإفسادِه للفضلاتِ التي ينبغي تحليلُها بالرياضة، فيُحدِثُ تكسُّراً وعيًّا وضعفاً، وإن كان قبل التبرُّز والحركة والرياضة وإشغالِ المعدة بشيء فذلك الدّاء العُضالُ المولِّدُ لأنواع من الأدواء”.

عن ‌سهيل قال: (كان ‌أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن، ثم يقول: اللهم رب السماوات ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان

أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء

اقض عنا الدين، ‌وأغننا ‌من ‌الفقر) وكان يروي ذلك عن ‌أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.[مسلم]

وهذا دعاء لطلب الرزق حيث يطلب الإنسان فيه من ربه الاستغناء عن الخلق، وعدم الاحتياج إليهم بأن يعينه الله على سداد دينه وأن يغنيه من الفقر.

عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان أكثر دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم ‌ربنا ‌آتنا ‌في ‌الدنيا ‌حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار)[البخاري]

قال ابن بطال: “اختلف المفسرون فى تأويل هذه الآية، فقال الحسن: الحسنة فى الدنيا العلم والعبادة، وفى الآخرة الجنة. وقال قتادة: فى الدنيا عافية، وفى الآخرة عافية. وقيل: الحسنة فى الدنيا المال، وفى الآخرة الجنة، عن السدى”.

وليس هناك ما يمنع من أن تكون كلمة الحسنة جامعة لكل هذه المعاني، فقد ورد في تفسير القرآن العظيم لابن كثير قوله:

“الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة وولد بار ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هنيء وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين، ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا”.

عن ‌أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء إلى سعد بن عبادة، فجاء بخبز وزيت فأكل، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌أفطر ‌عندكم ‌الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة)[أبو داود].

نتعلم من هذا الحديث ألا يتكلف المضيف لضيفه فيكلف نفسه ما لا يطيق، بل يجود بما يملكه. ونتعلم أيضا من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه ينبغي على الضيف أن يدعو لمضيفه بالتوسعة في الرزق وطلب المغفرة والرحمة له.