آداب التعامل مع المخالفين

آداب التعامل مع المخالفين

آداب التعامل مع المخالفين من خلال القرآن الكريم ومعاملة النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم.

ما زال الحديث موصولا عن الحديث عن آداب التعامل مع المخالفين من خلال القرآن ومعاملة النبي -صلى الله عليه وسلم- للمخالفين.

إيجاد الحلول لمن وقع في المخالفة

من الآداب التي ينبغي علينا أن نلتزم بها مع المخالف البحث عن حلول للمشكلة التي وقع فيها حتى نساعده على الخروج من الخطأ الذي وقع فيه، ولئلا نكون عونا للشطان عليه.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: بينما نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت. قال: (مالك).

قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌هل ‌تجد ‌رقبة ‌تعتقها). قال: لا.

قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين). قال: لا. فقال: (فهل تجد إطعام ستين مسكينا). قال: لا.

قال: فمكث النبي -صلى الله عليه وسلم- فبينا نحن على ذلك أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرق فيه تمر، والعرق المكتل، قال: (أين السائل). فقال: أنا.

قال: (خذ هذا فتصدق به). فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟. فوالله ما بين لابتيها، يريد الحرتين، أهل بيت أفقر من أهل بيتي. فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أنيابه ثم قال: (أطعمه أهلك)[البخاري]

الصبر على المخالف

أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالصبر على المخالفين له في دعوته، لأن هذا الصبر قد يكون أكثر فائدة من العقاب، وقد يحول الصبر هذا المخالف لصديق حميم.

قال الله تعالى لنبيه: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ) .

وقال  تعالى : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) .

ترك الإنكار على الحمقى من المخالفين

هناك من المخالفين من يكونوا أهلا للنصح والإرشاد لكن هناك بعض الناس حمقى لا يجدي معهم النصح شيئا بل ربما يجلب هذا النصح لصاحبه الأذى والاستهزاء.

عن عباس العنبري قال: كنت مارا مع أحمد بن حنبل بالبصرة قال: فسمعت رجلا يقول لرجل: يا ابن الزاني. فقال له الآخر: يا ابن الزاني. قال: فوقفت ومضى أبو عبد الله، فالتفت إلي فقال لي: يا أبا الفضل امش، قال: فقلت: قد سمعنا قد وجب علينا، قال: امض ليس هذا من ذلك)[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخلال].

التدرج في العقاب

ينبغي التأني في عقاب المخالف، بألا ننتقل من الأدنى للأعلى إلا إذا لم يجد العقاب نفعا، فنبدأ بالأيسر ونترقى للأصعب.

قال تعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ).

فأمرنا الله بالإصلاح بين المتخاصمين أولا فإذا أبعت إحدى الطائفتين إلا البغي والعدوان قاتلنا الباغية.

إنكار المنكر على درجات

الإنكار على المخالف على درجات، فهناك إنكار باليد وهذا من شأن الحكام، وهناك إنكار باللسان وهذا من شأن العلماء، وهناك إنكار القلب وهذا شأن عوام الناس.

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌من ‌رأى ‌منكم ‌منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)[مسلم]

قال الإمام القرطبي : “قال العلماء: الأمر بالمعروف باليد على الأمراء ، وباللسان على العلماء، وبالقلب على الضعفاء يعني عوام الناس،

فالمنكر إذا أمكنت إزالته باللسان للناهي فليفعله، وإن لم يمكنه إلا بالعقوبة أو بالقتل فليفعل، فإن زال بدون القتل لم يجز القتل”.

الإعراض عن مجالس المخالفين

إذا جلس المسلم مجلسا يرتكب فيه المنكر ولم يستطع دفع هذا المنكر وجب عليه ترك هذا المجلس الذي يرتكب فيه هذا المنكر.

قال تعالى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ

وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) .

ومن يعبدون آلهة من دون الله لا تستحق العبادة وإنما تستحق التحقير لئلا ينخدع الناس بها لا نسبها لئلا يسبوا الله الذي يستحق العبادة دون من سواه.

قال تعالى : (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .

لين القول مع المخالفين

أمرنا الله بلين القول مع المخالفين لنا في الاعتقاد لأن هذا اللين يرقق القولب ويؤلفها على الإسلام.

قال الله تعالى لموسى وهارون لما أرسلهما لفرعون: ( فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) .

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعامل بهذا الرفق مع المخالفين ويبين أن الله يحب الرفق في الأمر كله.

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: استأذن رهط من اليهود على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السام عليك، فقلت: بل عليكم السام واللعنة. فقال: (يا عائشة، ‌إن ‌الله ‌رفيق ‌يحب ‌الرفق في الأمر كله). قلت: أولم تسمع ما قالوا: قال: (قلت: وعليكم)[البخاري]

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *