الكنيسة ودورها في ظهور الإلحاد

دور الكنيسة في ظهور الإلحاد

سيطرة الكنيسة في العصور الوسطى وتسلطها على الناس أدى لظهور الإلحاد بين الناس

هناك العديد من الأسباب القديمة التي أدت لظهور الإلحاد بين الناس والخروج عن طريق الله القويم إلى إنكار وجود الله والتنصل من كل التعاليم، فمن هذه الأسباب:

سيطرة الكنيسة على كل مناحي الحياة

الأصل أن وظيفة الكنيسة هي حراسة وحماية التعاليم الروحية التي جاء بها المسيح عليه السلام لكنها في العصور الوسطى تجاوزت تلك الوظيفة وأعطت لنفسها الحق في أن تنصب نفسها حكما على الناس فتقتل من تشاء وتستبعد من رحمة الله من تشاء بزعم الحق الإلهي المقدس.

مما أدى إلى نفور الناس من هؤلاء الذين يتحكمون في رقاب الناس باسم الدين، وزاد هذا النفور بعد أن قتلت الكثير من العلماء والمفكرين.

فتسلطت الكنيسة على كل مناحي الحياة سواء كانت دينية أو سياسية أو اقتصادية أو علمية، وكل ذلك كان في العصور الوسطى.

فرض الكنيسة للضرائب الباهظة

كان من الظلم الذي مارسته الكنيسة على البسطاء أن قامت بفرض الضرائب الباهظة عليهم، ومن لم يقم بسداد تلك الضرائب كانت تقوم بتعذيبه أو استرقاقه.

صراع الكنيسة مع العلم

كانت الكنيسة تقوم بممارسة دور الوصي على كل الآراء العلمية فمن أتى بنظرية علمية تخالف آراء رجال الكنيسة أو آراء المفسرين للإنجيل تتهمهم بالزندقة والسحر.

وبسبب ذلك قتلت الكنيسة آلاف من البشر لأنهم قالوا بمسائل علمية تخالف آراءهم، من هؤلاء برونو سنة 1598 ؛ كوبر نيكس وجاليلو؛  لأنهم قال بدوران الأرض.

نتيجة ممارسات الكنيسة

بسبب هذا الظلم والاستعباد الذي مارسته الكنيسة على البشر كان ذلك سببا في ظهور الأفكار الإلحادية التي تنادي بتنحية الدين تماما عن الحياة لأنهم لم يجدوا منه إلا ظلم واستعباد وتخلف.

هل ممارسات الكنيسة سبب للخروج عن الإسلام؟

لم تكن ممارسات الكنيسة سببا لخروج الناس عن المسيحية وحدها وإنما كانت سببا في خروج الناس عن كل تعاليم السماء وعن كل الديانات.

ربما يكون من المقنع أن يخرج الناس عن تعاليم الكنيسة بعد كل هذا الظلم والاستعباد الذي مارسته ضد الناس، لكن ليس مقنعا أن يخرج الناس عن تعاليم الإسلام الذي لم يفعل ما فعلته الكنيسة بل كان موقف الإسلام مختلف تماما عن موقف الكنيسة، فهل يؤاخذ الإسلام بذنب غيره.

إذا كان القساوسة قد أعطوا لنفسهم الحق في أن يشرعوا ما شاءوا للناس فإن علماء الإسلام لم يفعلوا ما فعله هؤلاء وإنما كان لهم منهج يسيرون عليه وهو كتاب الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان القساوسة قد أعطوا لأنفسهم الحق في أن يدخلوا من شاءوا الجنة ويخرجوا منها من شاءوا ووضعوا للناس صكوك غفران ليجمعوا بها المال فإن علماء الإسلام لم يدع أحد منهم أن له الحق في ذلك.

وإذا كان القساوسة قد أعطوا لأنفسهم الحق في أن يمنعوا العلماء من أن يدلوا بآرائهم العلمية حول الكون بل وقتلوا بعضهم وعذبوا بعضهم فإن علماء الإسلام لم يفعلوا شيئا من ذلك.

الإسلام يشجع على البحث العلمي

العلم والإيمان في الإسلام لا يتعارضان بل يلتقيان ويكمل بعضهما بعضا، وهذا واضح من خلال النظر في آيات القرآن فقد ذكر الله أنواعا عديدة من العلوم المختلفة كعلوم النبات والجيولوجيا وعلوم الإنسان والحيوان وطلب من الناس أن ينظروا في هذه الأشياء ليتوصلوا من خلالها إلى عظمة الله في خلقه.

ثم بين أن هؤلاء العلماء الذين يقفون على عظمة الله في خلقه هم أكثر الناس خشية لله، قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ *

وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ) .

أمانة الأنبياء في تبليغ الوحي

كان من الأوامر التي أمر الله بها عباده أن يلتموا بالعمل بالوحي دون زيادة أو نقصان عليه، حتى وجه الله هذا الأمر لنبيه أن يبلغ رسالة ربه كاملة غير منقوصة فقال الله: (‌يَٰٓأَيُّهَا ‌ٱلرَّسُولُ ‌بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ يَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ)

وبين الله أن رسول الله لو زاد شيئا لأخذ الله بيمينه ولقطع وتينه لكن الله لم يفعل ذلك ليؤكد على أن رسوله بلغ رسالته كاملة غير منقوصة، فقال الله: ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ).

إلتزام الأنبياء بالعمل بالوحي

لما أنزل الله الوحي على أنبيائه أمرهم أن يلتزموا أولا بما أوحاه الله إليهم فليس المطلوب أن يبلغوا للناس الوحي دون أن يعملوا به وإلا لحبط عملهم، فقال الله: ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ).

المسلمون على خطى الأنبياء

هذا المنهج الذي أمر الله به أنبيائه من تبليغ الوحي دون زيادة أو نقصان والعمل بما أوحاه الله إليهم هو املنهج الذي ألزم الله به المسلمين علماء وعوام فليس من حق أحد أن يحل أو يحرم شيئا من عند نفسه ، فقال تعالى : ( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ) .

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *