القيمة العلمية لكتاب المستدرك على الصحيحين

القيمة العلمية لكتاب المستدرك على الصحيحين

القيمة العلمية لكتاب المستدرك على الصحيحين للإمام الحاكم كتاب حافل ذكر فيه جملة كبيرة من الأحاديث المسندة، التي استدركها على البخاري ومسلم.

القيمة العلمية لكتاب المستدرك على الصحيحين للإمام الحاكم كتاب حافل ذكر فيه جملة كبيرة من الأحاديث المسندة، التي استدركها على البخاري ومسلم.

أحاديث المستدرك

أخرج الإمام الحاكم في المستدرك أحاديث أخرجها الإمامان البخاري ومسلم وقد ذكرها وهما منه، ومنها ما هو على شرط الشيخين، ومنها ما هو على شرط أحدهما، ومنها ما ليس على شرط واحد منهما، ومنها ما هو ضعيف ومنها ما هو موضوع.

كلام الذهبي على مستدرك الحاكم

تكلم الحافظ الذهبي على مستدرك الإمام الحاكم فقال: في المستدرك شيء كثير على شرطهما، وشيء كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقل،

فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب، وفي غضون ذلك أحاديث نحو المئة يشهد القلب ببطلانها. سير أعلام النبلاء 17 / 175.

وقول الحافظ الذهبي: باقي الكتاب مناكير وعجائب“.
قد يوهم أن الجزء الأخير من مستدرك الحاكم كله ما بين مناكير وعجائب، وهذا ليس واردا؛ فالجزء الأخير به كثير من الأحاديث التي أخرجها الشيخان أو أحدهما، وأحاديث على شرطهما أو شرط أحدهما، وأحاديث ضعيفة ومنكرة وموضوعة،

وهذا معناه أن الإمام الذهبي يعني بهذا القول أن هذا موجود في الكتاب كله بحيث لو نقي الكتاب لوجدت فيه هذه المناكير والعجائب، وليس معناه أن الجزء الأخير كله مناكير وعجائب.

الحاكم يخرج أحاديث أخرجها الشيخان

قال العراقي: فقد أودعه (المستدرك) أحاديث مخرجه فى الصحيح وَهْمَا منه فى ذلك وهى أحاديث كثيرة. التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح 1 /29.

وهذا كلام يخدمه الاستقراء؛ فمن تتبع أحاديث المستدرك وجد فيها الكثير من الأحاديث التي خرجها الشيخان، أو أحدهما، أخرجها الحاكم وهما منه.

العلماء ينتقدون تعليق الحاكم على الأحاديث

العلماء عندما تكلموا على مستدرك الحاكم وانتقدوه إنما انتقدوا تعليقاته على الأحاديث، أما أسانيد الحاكم وروايته للحديث فهي منضبطه وقد رواها كما سمعها.

قال المعلمي: لم يقع خلل ما في روايته، لأنه إنما كان ينقل من أصوله المضبوطة، وإنما وقع الخلل في أحكامه، فكل حديث في المستدرك فقد سمعه الحاكم كما هو، هذا هو القدر الذي تحصل به الثقة، فأما حكمه بأنه على شرط الشيخين، أو أنه صحيح، أو أن فلانا المذكور فيه صحابي، أو أنه هو فلان بن فلان، ونحو ذلك، فهذا قد وقع فيه كثير من الخلل. التنكيل بما تأنيب الكوثري من الأباطيل 2 / 692.

تساهل الحاكم مخصوص بالمستدرك

عندما يتكلم العلماء على تساهل الحاكم يخصونه بالمستدرك، أما في غير المستدرك فهو إمام ضابط.

قال ابن السبكي وهو يتكلم عن الإمام الحاكم: صاحب التصانيف في علوم الحديث، منها تاريخ نيسابور، وهو عندي أعود التواريخ على الفقهاء بفائدة، ومن نظره عرف تفنن الرجل في العلوم جميعها. طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 4 / 155.

وقال الشيخ المعلمي: وذكرهم للحاكم بالتساهل إنما يخصونه بالمستدرك، فكتبه في الجرح والتعديل لم يغمزه أحد بشيء مما فيها فيما أعلم. التنكيل بما تأنيب الكوثري من الأباطيل 2 / 693.

أحكام الحاكم على الأحاديث

تكلم العلماء على كتاب المستدرك وبينوا أن فيه كثيرا من الأحاديث المردودة، وأنه لا يعتمد على أحكام الإمام الحاكم -رحمه الله-، بل لابد من تتبع الأسانيد والحكم عليها بما يليق بها.

قال البدر بن جماعة: الصواب أنه يتبع ويحكم عليه بما يليق بحاله من الحسن أو الصحة أو الضعف، ووافقه العراقي على ذلك. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1 / 116.

قال الذهبي: ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شان المستدرك بإخراجها فيه… وليته لم يصنف المستدرك؛ فإنه غض من فضائله بسوء تصرفه. تذكرة الحفاظ للذهبي 3 / 1042.  

وقال أبو سعيد الماليني: طالعت كتاب المستدرك على الشيخين، الذي صنفه الحاكم من أوله إلى آخره، فلم أر فيه حديثا على شرطهما. 

قال الذهبي ردا عليه: هذه مكابرة وغلو، وليست رتبة أبي سعيد أن يحكم بهذا. سير أعلام النبلاء 17 / 175.

وقال أيضا: يصحح في مستدركه أحاديث ساقطة فيكثر من ذلك، كنت قد أفردت منها. ميزان الاعتدال في نقد الرجال 6 / 216.

الحاكم متساهل في التصحيح

قال السيوطي في التدريب: وهو ]أي الحاكم[ متساهل في التصحيح، قال المصنف (النووي) في شرح المهذب: اتفق الحفاظ على أن تلميذه البيهقي أشد تحريا منه، وقد لخص الذهبي مستدركه وتعقب كثيرا منه بالضعف والنكارة وجمع جزءا فيه الأحاديث التي فيه، وهي موضوعة فذكر نحو مائة حديث. تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1 / 114.

  سبب تساهل الحاكم في المستدرك

اعتذر ابن حجر عن هذه الأحاديث التي خرجها الحاكم في مستدركه وانتقدها عليه العلماء بأنه ألف المستدرك في نهاية عمره، وأنه قد حصل له غفلة وتغير، أو أن المنية عاجلته قبل أن ينقح كتابه.

قال شيخ الإسلام ابن حجر: وإنما وقع للحاكم التساهل لأنه سود الكتاب لينقحه فأعجلته المنية، قال: وقد وجدت في قريب نصف الجزء الثاني من تجزئة ستة من المستدرك: إلى هنا انتهى إملاء الحاكم،

ثم قال: وما عدا ذلك من الكتاب لا يؤخذ منه إلا بطريق الإجازة، فمن أكبر أصحابه وأكثر الناس له ملازمة البيهقي، وهو إذا ساق عنه في غير المملي شيئا لا يذكره إلا بطريق الإجازة، قال: والتساهل في
القدر المملى قليل جدا بالنسبة إلى ما بعده.
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1 / 115.

ولأهمية المستدرك من الناحية العلمية فقد كان موضع اهتمام العلماء، ما بين ملخص له ومستدرك عليه، فقد لخصه الإمام الذهبي، وتعقب كثيرا منه بالضعف والنكارة أو الوضع، ولجلال الدين السيوطي توضيح المدرك في تصحيح المستدرك، لم يكمل، ولخصه أيضا برهان الدين الحلبي. الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة 24.

للاطلاع على المزيد:

 

 

 

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *