الأمن الحقيقي الذي يجب أن نحرص عليه هو الأمن من عقاب الله فمهما نال الإنسان من نعيم الدنيا فإن هذا لا يغنيه عن عقاب الله.
قيمة الأمن
الأمن والأمان من أهم العوامل التي تستقر بها أحوال البلاد وتطمئن بها نفوس العباد، فلن يستطيع الإنسان أن ينعم بأي شيء من نعم هذه الدنيا من مال أو أولاد في غياب الأمن.
طلب الأمن ثم الرزق
لما دعا نبي الله إبراهيم عند البيت الحرام طلب الأمن لأهل هذا الموضع أولا ثم الرزق ثانيا لأن الأمن هو الذي يحفظ الرزق، فقال الله على لسان إبراهيم: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ).
طاعة الله صمام الأمان
إن الذي يضمن دوام الأمن للناس هو أن يسيروا في طريق الطاعة لله خالق هذا الكون ومدبر أمره، قال الله: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ).
الأمن لا يكون في المظاهر المادية وحدها
ليست المظاهر المادية المحسوسة وحدها هي التي تحفظ للناس أمنهم، فكم من أمم بلغت في القوة المادية أعلى الدرجات وتمكنوا من الدنيا تمكنا لم يصل إليه أحد ممن
قبلهم، لكنهم بدلا من أن يشكروا الله على نعمه كفروا بتلك النعم واغتروا بقوتهم وساروا في طريق الشيطان، فكان جزاؤهم ان أنزل الله بهم بأسه وعذابه،
قال الله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)
نماذج من الأمم التي أهلكها الله بعد ترف العيش
ذكر الله لنا نماذج عديدة من الأمم التي عاشت في وفرة وترف من العيش، وصحة في الأبدان، وعظمة في البنيان، لكنهم لما كفروا وبغوا صب الله عليهم العذاب صبا.
فوصف الله مدينة قوم عاد بقوله: (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) وهذا وصف لمدينتهم بأنها ذات بناء رفيع ، لكنهم كذبوا نبيهم فنجاه الله والمؤمنين معه، وأهلكهم بريح صرصر عاتية.
وثمود الذين قطعوا صخر الجبال واتخذوه بيوتا، وقيل: إنهم بنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة بوادي القرى.
وفرعون وما أدراك ما فرعون صاحب الجند الكثير والجيش الكبير الذي بلغ من فجوره أنه كان يدق أربعة أوتاد لمن يعذبهم ثم يشد ضحيته على تلك الأوتاد ويعذبه بما يريد من ضرب أو إحراق .
كل هؤلاء تجاوزا الحد في الطغيان وأكثروا الفساد في الأرض بالكفر بالله، فأنزل الله بهم العذاب بأبلغ الوجوه.
إن الله يرصد عباده ويراقب أحوالهم ويحصي عليهم أعمالهم ويجازي بالخير خيرا وبالشر شرا، ولا يفلت أحد من غضبه أو عقابه.
قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)