أحكام زكاة الزروع والثمار، فتلك الزورع والثمار لها أحكامها التي تتعلق بها الزكاة ولها شروطها التي يجب أن تتوافر فيها ليجب إخراج الزكاة منها.
دليل وجوب الزكاة في الزروع والثمار
ورد في القرآن ما يدل على وجوب الزكاة في الزروع والثمار، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ)[البقرة: 267]،
وقال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَناتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنخْلَ وَالزرْعَ مُخْتَلِفُاً أُكلًهُ وَالزيْتونَ وَالرمَّانَ فتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَا تُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّه لا يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ)[الأنعام: 141].
الأصناف التي تجب فيها الزكاة
حدد النبي -صلى الله عليه وسلم- الأصناف التي تؤخذ منها الزكاة وهي أربعة حيث ورد في حديث أبي موسى ومعاذ حين بعثهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم:
(لَا تَأْخُذُوا الصَّدَقَةَ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ: الشَّعِيرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ)المستدرك
وأما الإمام أبو حنيفة فيرى وجوب الزكاة في كل ما تخرجه الأرض مما يقصد به النماء: “ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي كُل مَا يُقْصَدُ بِزِرَاعَتِهِ اسْتِنْمَاءُ الأْرْضِ…وَذَهَبَ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لاَ تَجِبُ إِلاَّ فِيمَا لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ حَوْلاً” الموسوعة الفقهية الكويتية
شروط وجوب الزكاة في الزروع والثمار
1 – أن يكون مما يقتات اختيارا بأن يكون به عيش البدن كالشعير والأرز والتمر والعنب.
2 – أن يكون مملوكا لشخص معين فإذا كان موقوفا على غير معين كالموقوف على المساجد أو الفقراء لا تجب فيه الزكاة.
3 – أن يكون قد بلغ النصاب فأكثر.
4 – وأن يكون مما يدخر.
5 – وأن يستنبته الآدميون لا أن يكون قد نبت بنفسه.
6 – ولا يشترط فيها أن يمر عليها الحول وإنما إخراج الزكاة منها يكون يوم الحصاد.
نصاب الحبوب
الحبوب التي يجب إخراج الزكاة منها هي كالشعير والحنطة والذرة والأرز والحمص واللوبيا اليابسة والفول، والنصاب الذي يجب فيه الزكاة هو خمسة أوسق حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ)البخاري
والوسق فيه ستون صاعا، والصاع يساوي بالوزن الحالي 2.176 اثنان كجم ومائة وستة وسبعون من الألف، وعلى هذا فالستون صاعا تساوي 130.560 أي مائة وثلاثين كجم وخمسمائة وستين من الألف.
وعلى هذا فالخمسة أوسق التي وردت بالحديث تساوي بالوزن الحالي بالكيلو 652.8 كجم. مصطلحات الفقهاء والأصوليين
وتساوي بالكيلة 50 كيلة بالمصري، أو أربع أردب، فإذا بلغ مقدار ما تخرجه الأرض من الحبوب هذا الوزن يكون بذلك قد بلغ النصاب الذي تجب فيه الزكاة، وعليه فلا زكاة فيما أخرجته الأرض من الحبوب حتى يبلغ هذا المقدار.
الخرص لتقدير نصاب التمر والعنب
أما كيفية حساب زكاة التمر والعنب فتكون بالخرص أي التخمين وهو الاجتهاد في معرفة قدر الشيء لتحديد مقدار الزكاة الواجبة فيه،
وذلك بأن يقوم الخارص وهو من يقدر الزكاة بتخمين المقدار الذي على الشجر ويترك قيمة الربع أو الثلث لا يدخله في تقدير الزكاة وهذا يكون لصاحب الزرع ولأهل بيته ولضيوفه،
ثم يقدر الزكاة من الباقي، وذلك يكون بعد بدو صلاح الثمار، ولا يكون الخرص في غير النخل والعنب لورود الأثر فيهما.
عن أبي حميد الساعدي –رضي الله عنه- قال: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَلَمَّا جَاءَ وَادِيَ القُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ:
(اخْرُصُوا)، وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشَرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَالَ لَهَا: (أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا…) البخاري
مقدار الزكاة الواجبة في الحبوب والثمار
المقدار الذي يجب إخراجه من الحبوب والثمار هو العشر إذا كانت الأرض تسقى بدون جهد ولا تكلفة على صاحبها كأن تروى بماء السماء أو العيون أو كان النبات له جذور طويلة يستمد بها الماء من باطن الأرض.
أما إذا كانت الأرض تسقى بجهد وبتكلفة على صاحبها يكون مقدارا الزكاة الواجب هو نصف العشر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ)البخاري
و”عثريا” هو الذي يشرب الماء من غير سقي إما بجذوره أو بواسطة الأمطار أو غير ذلك، والنضح أي الإبل النواضح التي يستقى عليها، أو ما فيه تكلفة للإنسان.
زكاة الحبوب والثمار على المستأجر أم المالك
زكاة الزروع تكون على مستأجر الأرض؛ لأنه هو الذي يملك الزرع، والعبرة بملكية الزرع: “ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ … إِلَى أَنَّ مَنِ اسْتَعَارَ أَرْضًا أَوِ اسْتَأْجَرَهَا فَزَرَعَهَا، فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ؛ لأِنَّ الْغَلَّةَ مِلْكُهُ، وَالْعِبْرَةُ فِي الزَّكَاةِ بِمِلْكِيَّةِ الثَّمَرَةِ لاَ بِمِلْكِيَّةِ الأْرْضِ أَوِ الشَّجَرِ”الموسوعة الفقهية
ضم الأنواع المختلفة لبعضها لإكمال النصاب
تضم الأنواع المختلفة التي من جنس واحد ليكمل بها النصاب، كأنواع التمر المختلفة مثلا يضم بعضها إلى بعض ويكمل بها النصاب.
أقوال الفقهاء في زكاة غير الحبوب والتمر والعنب
لا زكاة في غير الحبوب التي تُدَّخر وتُقْتَات والتمر والعنب من الحاصلات التي تخرج من الأرض، أما غير هذه الأنواع كالخضروات والفواكه فليس فيها زكاة.
فالحبوب والتمر والعنب من الأقوات التي تعظم فائدتها من بين الخارج من الأرض كما تعظم قيمة الأنعام التي هي الإبل والبقر والغنم من بين سائر الحيوان؛ لذا كانت الزكاة فيها دون سواها. وذهب الإمام أبو حنيفة إلى وجوب الزكاة في كل ما تخرجه الأرض ما عدا الحشيش والقصب؛ لقول الله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)[الأنعام: 141].
للاطلاع على المزيد: