ما فوائد كثرة الاستغفار؟ وما طريقة الاستغفار الصحيحة؟

ينبغي على المسلم أن يتعرف على فوائد الاستغفار حتى يستفيد من ثماره، فمن لزم الاستغفار استفاد تلك الثمار.

من فوائد كثرة الاستغفار أنه يكون سببا في جلب الأرزاق، وسعة الرزق ورغد العيش، فمن لزم الاستغفار رزقه الله من حيث لا يحتسب، قال الله تعالى:

(وَأَنِ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِ ‌يُمَتِّعۡكُم مَّتَٰعًا حَسَنًا إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى وَيُؤۡتِ كُلَّ ذِي فَضۡلٖ فَضۡلَهُۥۖ وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٖ كَبِيرٍ).

ومن فوائد الاستغفار أن الله جعله سببا لنزول المطر وكثرة الخير وجلب الرزق والبركة في الأموال والأولاد، قال الله تعالى:

(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنَينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارَا).

والاستغفار يزيد الإنسان قوة على قوته، قال الله عن هود -عليه السلام- أنه قال لقومه:

(وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ).

وشكا رجلٌ إلى الحسن البصري رحمه الله الجدوبةَ، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، فقال له: استغفر الله، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له: استغفر الله،

وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئاً، إنَّ الله تعالى يقول في سورة نوح:

(اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنَينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارَا).

الاستغفار سبب من الأسباب التي يغفر الله بها الذنوب، قال الله، ( وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا).

والاستغفار موجب من موجبات رحمة الله أيضا، فقد قال الله: (لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

قال قتادة -رحمه الله-: “إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم: فالذنوب، وأما دواؤكم: فالاستغفار “.

للاستغفار صيغ متعددة منها أن يقول المسلم “أستغفر الله” كما ورد في حديث ثوبان -رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ‌إذا ‌انصرف ‌من ‌صلاته ‌استغفر ثلاثا، وقال:

(اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام). قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله، أستغفر الله.[مسلم].

من صيغ الاستغفار أن يقول المسلم “رب اغفر لي” أو “اللهم اغفر لي” فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

علمني الدعاء أدعو به في صلاتي. قال: (قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، ‌فاغفر ‌لي ‌مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم).

عن ‌عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من ‌الخلاء، قال: (‌غفرانك)[الترمذي]

من صيغ الاستغفار، دعاء سيد الاستغفار، فهو أفضل أنواع الاستغفار وأكثرها ثوابا .

عن ‌شداد بن أوس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، ‌خلقتني ‌وأنا ‌عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت.

أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة)]البخاري[

وسمي هذا الدعاء بسيد الاستغفار؛ لأن السيد هو الذي يُقصد ويُرجع إليه، وسيد القوم أفضلهم،

فهو أفضل الاستغفار أي الأكثر ثوابا للمستغفر به من المستغفر بغيره، ولأن فيه ذكر الله بأكمل الأوصاف، وذِكر الإنسان نفسه بأنقص الحالات التي تدل على أنه في غاية الاستكانة والتضرع لله.

من أوقات الاستغفار، الاستغفار بعد الصلاة، كما ورد في حديث ثوبان السابق حيث فيه دليل على مشروعية الاستغفار بعد الصلاة، وقبل الانصراف من موضع الصلاة، ثم الثناء على الله.

والحكمة من الاستغفار بعد الصلاة لئلا يغتر المسلم بطاعته وعبادته لله، وإنما يتهم نفسه بالتقصير دائما في حق الله، وهذا يكون أقرب لقبول الأعمال، فلا يكون معجبا بعمله؛ لأن المعجب بعمله عنده سوء أدب مع الله؛ لأنه استعظم بعبادته وطاعته مع مولاه.

من أوقات الاستغفار أيضا الاستغفار بالأسحار وهو الثلث الأخير من الليل فقد مدح الله المستغفرين بالأسحار، فقال تعالى: (والمستغفرين بالأسحار)، وقال الله: (وبالأسحار هم يستغفرون).

وقيل لما طلب أبناء يعقوب منه أن يستغفر لهم قال: (سوف أستغفر لكم ربي) فذكر سوف ليؤخر الاستغفار لهم إلى وقت السحر؛ لفضيلة هذا الوقت.

يسن للمسلم أن يستغفر الله عند الخروج من الخلاء بأن يقول: “غفرانك”، عن ‌عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من ‌الخلاء، قال: (‌غفرانك)]الترمذي[

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل ‌المسجد صلى على محمد وسلم وقال: (‌رب ‌اغفر ‌لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك)،

وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال: (‌رب ‌اغفر ‌لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك)[الترمذي]

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌من ‌لزم ‌الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)

[أبو داود وابن ماجه وهذا حديث ضعيف ضعفه الألباني في الضعيفة وغيرها].