شرح حديث: الطهور شطر الإيمان

شرح حديث: الطهور شطر الإيمان_الجزء الأول

قال صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض

عن أبي مالك الأشعري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها)مسلم

شرح حديث الطهور شطر الإيمان

يعتبر هذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه أصلا من أصول الإسلام، حيث اشتمل على الكثير من العبادات منها:

عبادات بدنيه كالوضوء، وعبادات قوليه كالذكر، وعبادات جمعت بين البدنية والقولية كالصلاة، وعبادات مالية كالصدقات والزكوات،  وعبادات قلبية كالصبر، وأشار الحديث للقرآن الكريم الذي هو حجة الله على العباد ، وضرب مثلا لمن باع نفسه لله ومن باع نفسه للشيطان.

الطُّهور شطر الإيمان

الطُّهور بضم الطاء يطلق على الفعل نفسه وهو القيام بفعل الطهارة، ومثل ذلك الوُضوء، وأما فتح الطاء في الطَّهور والواو في الوَضوء فيطلق على الماء الذي يتطهر الإنسان به.

من الأمور التي تميز بها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في كلامه أنه أوتي جوامع الكلم، وهي الألفاظ القليلة التي تحمل الكثير من المعاني، فقد روى البخاري في صحيحه أن أبا هريرة –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي).

وهذا هو ما ينطبق على قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (الطهور شطر الإيمان) فقد فسر العلماء هذه الجملة بتفسيرات متعددة وكلها يحتملها لفظ النبي –صلى الله عليه وسلم-.

المعنى الأول للطهور شطر الإيمان

شطر الشيء يعني نصفه، ومعنى الطهور شطر الإيمان أي أن الإيمان يمح ما قبله من الذنوب والخطايا، وكذلك الوضوء يذهب بخطايا الإنسان كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (من توضأ فمضمض واستنشق، خرجت خطاياه من فيه وأنفه، فإذا غسل وجهه خرجت خطاياه من وجهه، حتى يخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت خطاياه من يديه، فإذا مسح برأسه خرجت خطاياه من رأسه، حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه، حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة)]رواه ابن ماجه في سننه[ .

فبما أن الإيمان يَجُبُّ ما قبله، والوضوء يمح الذنوب التي ارتكبتها الأعضاء قبله فيعتبر الطهور نصيف الإيمان، ولا يمكن للإنسان أن ينتفع بالوضوء إلا إذا اجتمع معه الإيمان.

المعنى الثاني للطهور شطر الإيمان

المقصود من هذه العبارة أن الطهارة قسمان:

الأول : طهارة معنوية وهذه يمثلها الإيمان الذي محله القلب؛ لأنه يطهر باطن الإنسان من أرجاس الشرك والكفر. والثاني: طهارة حسية وهذه تمثلها الطهارة التي يطهر بها الإنسان ظاهره من الأدران والنجاسات.

وقد أخبرنا الله تعالى أنه يحب لعباده المؤمنين أن يكونوا متطهرين معنويا وماديا؛ لأن الطهارة هي عنوان الإسلام، فقال الله: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين).

وقد ضرب النبي –صلى الله عليه وسلم- مثلا بالصلاة على أنها تمثل الطهارة المعنوية فقال: (أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟) قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا)[مسلم]

المعنى الثالث للطهور شطر الإيمان

قد يراد بالإيمان في هذه الجملة الصلاة؛ لأن لفظة الإيمان تطلق على الصلاة مجازا كما في قول الله : (وما كان الله ليضيع إيمانكم )

وذلك عندما تغيرت القبلة من بيت المقدس للبيت الحرام حزن الصحابة على إخوانهم الذين ماتوا وكانوا يصلون جهة بيت المقدس، فطمأنهم الله على إخوانهم أن الله لا يضع صلاتهم التي صلوها جهة بيت المقدس؛ لأنهم صلوها بأمر الله، وأنتم تحولتم عن الصلاة من بيت المقدس إلى الصلاة للبيت الحرام بأمر الله أيضا.

فإذا كان المراد بالإيمان الصلاة يكون المقصود بالطهور الوضوء؛ لأن الصلاة لا تصح إلا به فهو شرط من شروط صحتها، لذلك يعتبر الوضوء نصيف الصلاة.

هل النية شرط للوضوء؟

اختلف العلماء في مسألة اشتراط النية للوضوء، فذهب فريق من العلماء منهم الإمام مالك إلى أن الوضوء يحتاج لنية فمن توضأ ولم ينو الوضوء لا تجوز صلاته؛ لأن الوضوء عبادة كغيره من العبادات يفتقر لنية واستدلوا بهذا الحديث وغيره من الأحاديث على وجوب النية كحديث عمر بن الخطاب الذي رواه عن النبي –صلى الهل عليه وسلم- قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)]رواه البخاري[. أي أن كل عمل مرهون بنية صاحبه.

وذهب فريق آخر من العلماء منهم الأوزاعي إلى أن الوضوء لا يحتاج لنية، فمن توضأ وأتى بأركان الوضوء دون أن ينوي الوضوء يجوز له الصلاة؛ لأن الوضوء طهارة خاصة وله طريقة خاصة فلا يفعلها إلا من أراد الوضوء، وقالوا أيضا: بأن الوضوء ليس من العبادات كالصلاة وإنما وجب لغيره فهو شرط في صحة الصلاة.

للمزيد:

شرح حديث: الطهور شطر الإيمان_الجزء الثاني

شرح حديث: الطهور شطر الإيمان_الجزء الثالث

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *