القول والفعل قد يكون قبيحا بذاته ممدوحا بعوارضه والعكس

القول والفعل قد يكون قبيحا بذاته ممدوحا بعوارضه والعكس

القول والفعل قد يكون قبيحا بذاته ممدوحا بعوارضه والعكس هذه قاعدة فقهية وضعها الفقهاء من خلال استقرائهم لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية.

القول والفعل قد يكون قبيحا بذاته ممدوحا بعوارضه والعكس هذه قاعدة فقهية وضعها الفقهاء من خلال استقرائهم لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية.

نص القاعدة الفقهية

كل قول أو فعل أو خلق قد يكون مذموما في ذاته ممدوحا بعوارضه، وقد يكون محمودا في ذاته ممدوحا بعوارضه

الكذب مذموم في ذاته

فالكذب مثلا قبيح في ذاته لكنه أحيانا يكون لحسنا بعوارضه.

فالكذب مثلا هو علامة من علامات النفاق حيث يقول النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ)]البخاري[

الكذب محمود بعواضه

فالكذب وإن كان قبيحا في ذاته فإنه أحيانا يكون محمودا بامور عاضه تحول هذا الكذب من كونه مذموما لكونه محمودا وذلك عندما يرى الإنسان اثنين من إخوانه متنازعين
متخاصمين فيحاول أن يؤلف بينهما فيكذب ويقول للأول بأن الثاني يذكره بخير ويقول للثاني إن الأول يثني عليه ويمدحه فهذا الأمر بالرغم من أنه كذب إلا أنه كذب ممدوح
ويؤجر الإنسان عليه.

يقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا)]البخاري[

وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: )لَا أَعُدُّهُ كَاذِبًا، الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، يَقُولُ: الْقَوْلَ وَلَا يُرِيدُ بِهِ إِلَّا الْإِصْلَاحَ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ: فِي الْحَرْبِ، وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ، وَالْمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا](أبو داود[

الغضب مذموم في ذاته

فالغضب في نفسه مذموم، فهو نار في النفس تدفع الانسان لارتكاب حماقات يأنف منها إذا سكنت نفسه وذهب عنه غضبه، لذلك كان الإنسان الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب، وينبغي على الإنسان ألا يستجيب لنفسه إذا كان في حالة غضبه وألا يأخذ قرارا في حال الغضب.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَوْصِنِي، قَالَ: (لاَ تَغْضَبْ) فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: (لاَ تَغْضَبْ)]البخاري[.

لكن لا يمكن للإنسان أن يكون هادئا في كل الأوقات والأحوال وإنما هناك حالات يمدح الإنسان فيها إذا كان غاضبا، كأن يرى حرمات الله تنتهك أمامه.

عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّهَا قَالَتْ: (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا)]البخاري[

 

القول والفعل قد يكون ممدوحا بذاته قبيحا بعوارضه

من القواعد التي وضعها الفقهاء: ” كل قول أو فعل أو خلق يكون ممدوحا بذاته مذموما بعوارضه”

الحياء ممدوح في ذاته

فالحياء مثلا خلق يمدح في ذاته فهو خلق يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي كما أن الإيمان يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي.

قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ)]البخاري[

وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ –رضي الله عنه- قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ، إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ)]البخاري[

أي إن مما اتفقت عليه شرائع الأنبياء إذا لم يكن عندك حياء يمنعك من فعل القبيح فافعل ما بدا لك فإنك ستعاقب عليه وهذا يقال على سبيل التهديد.

الحياء مذموم بعوارضه

الحياء الذي يترتب عليه إضاعة الحقوق أو التقصير في معرفة الحلال والحرام يكون شيئا مذموما لا يقبله الشرع؛ لذلك مدحت عائشة -رضي الله عنها- نساء الأنصار -رضي الله عنهن- فقالت: (نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ)]مسلم[.

كان النبي أشد الناس حياء

كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يوصف بأنه من أشد الناس حياء، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا)]البخاري[

فمن حياء النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه لم يكن يواجه أحدا من أصحابه إذا كان يكره منه شيئا لا يتعلق بحلال أو حرام لئلا يتسبب له في حرج أو إيلام.

كان رسول الله أشجع الناس

إذا كان الإنسان ملتزما خلق الحياء في كل الأوقات وكل الأحوال كان مذموما لأنه سيترتب على ذلك إضاعة الحقوق لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يضع كل شيء في موضعه، ففي الموضع الذي يحتاج للشجاعة والشدة كان رسول الله يكون أشجع الناس وأشدهم.

قال الْبَرَاءَ وَقد سَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ قَالَ: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ الْبَرَاءُ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يَفِرَّ، كَانَتْ هَوَازِنُ نَاسًا رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الْغَنَائِمِ، فَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ،

وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ آخُذٌ بِلِجَامِهَا، وَهُوَ يَقُولُ: (أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ)]أبو يعلى[

 وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس، وكان أجود الناس، ‌وكان ‌أشجع ‌الناس)

ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- راجعا، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري، في عنقه السيف وهو يقول: (لم تراعوا، لم تراعوا) قال: (وجدناه بحرا، أو إنه لبحر) قال: وكان فرسا يبطأ.[مسلم]

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *