من التشريعات التي وضعها الله للعباد الزكاة والصدقات وهي من العبادات التي تحث على التكافل بين الناس.
الفرق بين الزكاة والصدقة
باب الصدقات أوسع من باب الزكاة؛ لأن الزكاة محددة المقادير، أما الصدقة فليست لها مقادير محددة وإنما أمرها متروك للمتصدق أن يتصدق بما شاء.
والمستحقون للزكاة حددهم الشرع في الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله في قوله: (إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ)
أما الصدقات فيجوز إخراجها لهذه الأصناف ويجوز إخراجها لغيرهم ممن لا يستحقون الزكاة كالأغنياء وغيرهم.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ،
فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ.
لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ،
فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ)البخاري
النفقة على الزوجة والأولاد
النفقة على الزوجة والأولاد والآباء إذا احتسبها المرء تكون له عند الله صدقة، عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا أَنْفَقَ المُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً)البخاري
الإنفاق في وجوه الخير
يجوز دفع الصدقات في أعمال الخير والبر من بناء المستشفيات ودور الأيتام وهي مستحبة في جميع الأوقات ولجميع المحتاجين.
الإسرار بالصدقة
الإسرار بالصدقة أفضل من إخرجها علانية مع عدم الرياء؛ لقول الله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
والمبالغة في الإسرار بها أفضل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (…وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ…)البخاري.
الإكثار من الصدقات
المسلم ينبغي عليه أن يكثر من الصدقات في ليله ونهاره وسره وعلانيته، فقد بين الله منزلة هؤلاء عنده فقال:
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون).
الله يضاعف للمنفقين صدقتهم
الصدقات من أفضل الأعمال التي يقوم المسلم بها حيث يضاعفها الله لصاحبها أضعافا كثيرة، فقال الله تعالى:
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[البقرة: 245].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ)البخاري. وفلوه بمعنى المهر وهو صغير الخيل.
لا تحتقر صدقتك
لا يحتقر الإنسان الصدقة مهما كانت قليلة حتى ولو كانت بشق تمرة، فربما هذا القليل صادف إخلاصا كبيرا فكانت سببا في نجاته من النار.
عن عدي بن حاتم –رضي الله عنه- قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)البخاري