الضروريات والحاجيات والتحسينيات

الضروريات والحاجيات والتحسينيات

تأمل العلماء في أدلة التشريع الذي وضعه الله –تعالى- لعباده في الأرض فوجدوا أن هذه الشريعة  تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الضروريات والحاجيات والتحسينيات.

تأمل العلماء في أدلة التشريع الذي وضعه الله تعالى- لعباده في الأرض فوجدوا أن هذه الشريعة  تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الضروريات والحاجيات والتحسينيات.

فائدة تقسيم الشريعة 

فائدة معرفة هذا التقسيم هو أن نعرف أن التشريعات في الإسلام ليست كلها على درجة واحدة، وإنما هناك ما يجب أن يقدم أولا وما بعده يأتي بعده.

معنى الضروريات

الضروريات معناها: هي الأمور التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة بل يؤدي ذلك إلى هلاك العباد وفساد البلاد.

وهذه الضروريات يعبر عنها العلماء بالكليات الخمس: وهي حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال.

فمن أجل حفظ الدين فرض الله علينا العبادات والجهاد في سبيل الله، ومن أجل حفظ النفس حرم الله قتل النفس وأقام القصاص، ومن أجل حفظ العقل حرم الله علينا شرب كل ما يذهب بالعقول، ومن أجل حفظ النسل حرم الله علينا الزنا، ووضع الحد لمرتكبه، ومن أجل حفظ المال حرم الله السرقة ووضع حد قطع اليد لمن تمتد يده للحرام.

معنى الحاجيات

الحاجيات معناها: هي ما يحتاج إليه الناس من أجل رفع الحرج عنهم بحيث إذا فقدت وقع الناس في الضيق والحرج. 

فمثلا أوجب الله علينا الصيام في شهر رمضان، وهذا تشريع عام لجميع الناس، لكن هؤلاء الناس فيهم مريض إن صام لحقه ضرر من الصوم وإن أفطر عرض نفسه لعذاب الله، فالرجل هنا أصبح في ضيق ومشقه فهو لا يقوى على الصيام وإن أفطر عرض
نفسه للعذاب فكان لابد من حكم يرفع عنه هذا الضيق، فوضع الله الاستثناءات لأصحاب الحاجات ليرفع عنهم الحرج، فأباح لهم الفطر ثم يطعموا أو يقضوا بعد شفائهم من المرض. قال الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)

معنى التحسينيات

التحسينيات معناها: الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات؛ كإزالة النجاسة، وستر العورة، وأخذ الزينة.

ما يترتب على هذا التقسيم

من هنا لابد وأن نعلم أن معرفة هذا التقسيم تبين لنا أن الضروريات هي الشيء الأهم في الإسلام وأن كل الأحكام تخدم هذه الضروريات، لذلك إذا تعارض حكم من قسم الضروريات مع حكم من قسم التحسينيات نقوم بإلغاء الحكم التحسيني ونثبت الحكم الضروري.

فمثلا حرمة الأكل من الميتة من الأحكام التحسينية ، والحفاظ على النفس من الأحكام الضرورية ، فإذا كان الإنسان في صحراء وكاد أن يموت بسبب الجوع ولم يجد أمامه إلا ميتة لو أكل منها حفظ حياته فالشرع يلغي حكم تحريم الميتة وهو حكم تحسيني ويبيح له الأكل منها ليحافظ على حياته وهو حكم ضروري.

قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

فائدة هذا التقسيم بالنسبة للمعاصي

المعاصي تنقسم إلى قسمين : كبائر وصغائر، فالمعاصي التي تكون في الضروريات فهي أعظم الكبائر وإن وقعت في التحسينيات كانت أدنى مرتبة.

ومن هنا نستطيع أن نفرق بين أهل الضلال من العلماء وأهل الهدى والإيمان، ستجدون علماء الضلال يهدمون قسم الضروريات فيبيحون قتل النفس ظلما، ويحثون الناس على الالتزام بالأحكام التحسينية.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *