عند اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد لا تسقط صلاة الجمعة عن أهل الحضر؛ لأن الجمعة فرض والعيد سنة ولا يسقط الفرض بالسنة، لكن تسقط عن أهل البادية تيسيرا عليهم ويصلوها ظهرا.
تخيير عثمان لأهل العوالي في صلاة العيد
خير عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أهل العوالي وهي الأماكن البعيدة من المدينة الذين حضروا لصلاة العيد بين أن يبقوا لصلاة الجمعة أو أن يرجعوا إلى بيوتهم ويصلوا الجمعة ظهرا تخفيفا عليهم.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: … شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ العَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ”[البخاري]
قال أبو القاسم الرافعي عن هذا الحديث: ” عند الشافعي ومعظم أهل العلم محمول على أهل القرى إذا شق عليهم الذهاب والإياب ؛ فأمَّا أهل المصر فعليهم العود للجمعة بلا خلاف ، وفي قوله: ” من أحب أن يجلس من أهل العالية فليجلس ومن أحب أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ” ما يدل على أن المقصود أهل القرى “[شرح مسند الشافعي].
وقال القسطلاني: ” (فقد أذنت له) ليس فيه التصريح بعدم العود إلى المسجد لصلاة الجمعة حتى يستدل به على سقوطها عمن صلى العيد إذا وافق العيد يوم الجمعة ، نعم يحتمل أنهم لم يكونوا ممن تجب عليهم الجمعة لبعد منازلهم عن الجمعة “[إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري].
ما يقرؤه الإمام في العيدين والجمعة
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ ، وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)
قَالَ: (وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ)[مسلم].
الرد على من قال بسقوط الجمعة يوم العيد
ذهب البعض إلى أنه ” إذا اجتمع العيد والجمعة فالجمعة عفو ، ومرفوع الباب يرد عليهم ، ولا مرفوع لهم ، نعم ثبت ما قالوا عن ابن الزبير وبعض التابعين ، وأما ما في البخاري عن عثمان أنه صلى العيد ثم قال للناس: ” من أراد أن يذهب فليذهب ” فليس مراده العفو عن أهل المِصر ، بل الإجازة لأهل القرى الذين اجتمعوا “[العرف الشذي شرح سنن الترمذي].
وعَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ: أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ: نَعَمْ .
قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: (مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ)[أبو داود].
“وبهذا الحديث استدل أصحاب أحمد أن العيد إذا اتفق يوم الجمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد إلا الإمام ؛ فإنها لا تسقط عنه ، وقيل: فيه روايتان …
وقالت عامة الفقهاء: تجب الجمعة لعموم الآية والأخبار الدالة على وجوبها ؛ ولأنهما صلاتان واجبتان فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد “.]شرح أبي داود للعيني[.
وقال ابن الأثير: ” والذي ذهب إليه الشافعي -رضي الله عنه- أن العيد إذا وافق يوم جمعة فإن الجمعة لا تسقط عن أهل المصر ، وبه قال أكثر الفقهاء “[الشافي في شرح مسند الشافعي].
للاطلاع على المزيد: