فضائل الأذكار وآدابها وأحكامها

فضائل الأذكار وآدابها وأحكامها

فضائل الأذكار وآدابها وأحكامها من الأمور التي ينبغي على المسلم أن يكون على علم بها حتى لا يحرم نفسه من الأجر العظيم.

فضائل الأذكار وآدابها وأحكامها من الأمور التي ينبغي على المسلم أن يكون على علم بها حتى لا يحرم نفسه من الأجر العظيم.

ذكر الله في كل الأحوال

ينبغي على المسلم أن يكون دائم الذكر لله -تعالى- في كل الأوقات والأحوال، فيذكر ربه قائما ويذكره قاعدا، وعلى جنبه، وفي صباحه ومسائه، وعقب الصلوات وأثناء عمله وفي مضجعه.

الذكر بالقلب واللسان

قد يذكر الإنسان ربه بقلبه فقط، وقد يذكره بلسانه فقط، وقد يذكر ربه بهما معا، وذكر الله بالقلب واللسان معا هو أفضل الذكر، فهو اشتراك لأكثر من جارحة في الذكر، ويليه الذكر بالقلب.

وذكر الله لا يحتاج من الإنسان جهد، فمن عجز عن ذكر الله بلسانه ذكره بقلبه، ولا يسقط ذكر الله إلا إذا فقد الإنسان عقله.

فمن ذكر الله في نفسه معتزلا الناس منفردا عنهم بحيث لا يعلم به إلا الله كان أفضل ممن ذكر الله في الملأ لأنه أبعد عن الرياء.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: يقول الله تعالى: (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ‌ذكرني ‌في ‌نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم،

وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة)[البخاري]

قَال ابن حجر: “قَال بَعْضُ أَهْل الْعِلْمِ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الذِّكْرَ الْخَفِيَّ أَفْضَل مِنَ الذِّكْرِ الْجَهْرِيِّ، وَالتَّقْدِيرُ: إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ بِثَوَابٍ لَا أُطْلِعُ عَلَيْهِ أَحَدًا”.

وعن ‌أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌سبعة ‌يظلهم ‌الله ‌في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه،

ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه)[البخاري]

أي ذكر الله في خلاء وبعد الناس فبكى من خشية الله.

وذكر الله لا ينحصر في التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير بل كل طاعة يقوم بها الإنسان هي ذكر لله.

حضور القلب أثناء الذكر

ينبغي على الإنسان أن يكون حاضر القلب أثناء ذكره لله؛ لما فيه من زيادة التعظيم والتوقير لله -عز وجل-، ولما فيه من تعقل ما يقول، فكما طلب الله منا التدبر عند قراءة القرآن كما في قول الله: (كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ ‌لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ) كذلك ينبغي التدبر عند ذكر الله.

الذكر لله يكون في كل الأحوال

لا يشترط أن يكون الإنسان متوضأ ليذكر الله بقلبه ولسانه أو بأحدهما، وإنما يجوز للمحدث والجنب والحائض والنفساء أن يذكروا الله.

وهذا بخلاف قراءة القرآن فإنه لا يجوز للجنب ولا للحائض ولا للنفساء قراءة القرآن ولا مس المصحف ولا حمله.

ويجوز للإنسان إذا كان جنبا والمرأة إذا كانت حائضا أن يقولا عند المصيبة: “إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون” وهذا جزء آية لكن بشرط ألا يقصدا بها القرآن وإنما يكون مجرد دعاء، وكذلك عند ركوب الدابة يقول: “سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كُنَّا له مُقرنين”.

وعند الدعاء يقول: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار”. يقصد بذلك الدعاء ولا يقصد قراءة القرآن.

كيف يكون الإنسان من الذاكرين الله كثيرا؟

المواظبة على ذكر الله في كل الأوقات والأحوال ترتقي بالإنسان حتى يكتب عند الله من الذاكرين لله كثيرا.

يقول مجاهد: “لا يكون من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا”.

قال الله تعالى: (إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّٰدِقِينَ وَٱلصَّٰدِقَٰتِ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَٱلصَّٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّٰٓئِمِينَ وَٱلصَّٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ ‌وَٱلذَّٰكِرِينَ ‌ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا)

فإذا أيقظ الرجل أهله ليلا فصليا وذكرا الله كانا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أيْقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا -أَوْ صَلَّى- رَكعَتينِ جَمِيعاً كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ الله كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ)[أبو داود]

فهؤلاء الذين يداومون على ذكر الله في كل أوقاتهم وفي كل أحوالهم بعد إتيانهم بما فرضه الله عليهم هم السابقون لغيرهم كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال:

(سَبَقَ المُفرِّدونَ) قالُوا: ومَا المُفَرِّدونَ يا رَسُولَ الله؟ قالَ: (الذَّاكِرُونَ الله كَثِيراً وَالذَّاكرَاتُ)[مسلم]

الفرق بين الذكر المطلق والمقيد

الذكر المطلق هو الذي ليس له وقت ولا سبب معين، وأفضل الذكر هو الاشتغال بقراءة القرآن فهو أفضل من الاشتغال بالتكبير والتحميد والتهليل.

وهذا كقول الله تعالى: (فاذكروني أذكركم). وكقوله: (يسبحون الليل والنهار لا يفترون).

وكقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كلمتان ‌خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله العظيم، سبحان الله وبحمده)[البخاري]

أما الذكر المقيد بسبب أو وقت فالإتيان بهذا الذكر في وقته وعند وجود سببه أفضل من غيره، كالذكر عند الأذان، وبعد الصلاة، وعند الإفطار في رمضان عند غروب الشمس.

قال ابن علان: ما ورد من الذكر مختصا بمكان أو زمان أو حال كأذكار الطواف وليلة الجمعة وحال النوم فالاشتغال به أفضل من الاشتغال بالتلاوة.

وقال الشوكاني: وهكذا ما وردت به السنة من الأذكار في الأوقات وعقيب الصلوات فإنه ينبغي الاشتغال بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم فإن إرشاده إليه يدل على أنه أفضل من غيره.

هل يكتفي الإنسان بالذكر عن غيره؟

قد يسأل سائل ويقول: هل هذه الأذكار وحدها كافية لينال الإنسان المغفرة؟

والجواب: لا يظن أحد أنه بمجرد أن ينطق بتلك الأذكار أنه بذلك سينال مغفرة الله لذنوبه وهو مقيم على عصيانه وانتهاك حرمات الله، وإنما هذا الذكر يكون نافعا لمن يحرص على طاعة الله.

قال ابن بطال: قال بعض الناس: هذه الفضائل التى جاءت عن النبى -صلى الله عليه وسلم-: (من قال ‌سبحان ‌الله ‌وبحمده ‌مائة ‌مرة غفر له. . .) وما شاكلها إنما هى لأهل الشرف فى الدين والكمال والطهارة من الجرائم العظام،

ولا يظن أن من فعل هذا وأصرّ على ما شاء من شهواته، وانتهك دين الله وحرماته أنه يلحق بالسابقين المطهرين وينال منزلتهم فى ذلك بحكاية أحرف ليس معها تقى ولا إخلاص، ولا عمل، ما أظلمه لنفسه من يتأول دين الله على هواه.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *