السنة لها معنى عام في لغة العرب، ولها معان متعددة على حسب اصطلاح أهل كل فن، فتعريف أهل الحديث للسنة يختلف عن تعريف الفقهاء، وتعريف الفقهاء يختلف عن تعريف الأصوليين والوعاظ.
تعريف السنة في لغة العرب
هي الطريقة، والسَنَن أيضا،.. .، والسنة الطريقة المحمودة المستقيمة، ولذلك قيل: فلان من أهل السنة، معناه: من أهل الطريقة المستقيمة المحمودة، وهي مأخوذة من السَنَن وهو الطريق ]لسان العرب 13 / 220[.
تعريف السنة في اصطلاح أهل كل فن
السنة في الاصطلاح لها معانٍ متعددة على حسب اصطلاح أهل كل فن، فقد عرفها علماء كل فن بتعريف يتناسب مع منهج وطريقة هذا العلم، وممن اهتموا بتعريف السنة: المحدثون، والفقهاء، والأصوليون، والوعاظ.
معنى السنة عند المحدثين
فقال المحدثون: “السنة هي كل ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو سيرة، أو صفة خُلُقية، أو خِلْقية، حتى الحركات، أو السكنات في اليقظة، والمنام، سواء قبل البعثة أم بعدها، وسواء تعلق بها حكم شرعي أم لا ]دربة الطلاب على النظر في علم الأثر[.
ومعنى هذا أن منهج المحدثين في تعاملهم مع سنة النبي –صلى الله عليه وسلم- أنهم يهتمون بنقل كل ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سواء أكان هذا المنقول يترتب عليه حكم شرعي أم لا.
معنى السنة عند الأصوليين
قال الإمام الشاطبي: “يطلق لفظ السنة على ما جاء منقولا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، مما لم ينص عليه في الكتاب العزيز، بل إنما نص عليه من جهته عليه الصلاة والسلام، كان بيانا لما في الكتاب أولا“ ]الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي 4 / 3[.
وهنا أشار الإمام الشاطبي أن لفظ السنة إنما يطلق على ما ورد النص عليه من جهة النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم ينص عليه في القرآن بأن كانت السنة بيانا لما ورد في كتاب الله مجملا أو تقييدا لما ورد مطلقا أو
مخصصا لما ورد عاما أو غير ذلك مما ذكره الأصوليون من علاقة السنة بالقرآن.
معنى السنة عند الفقهاء
قال الفقهاء: “السنة هي ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير افتراض ولا وجوب، وتقابل الواجب وغيره من الأحكام الخمسة، وقد تطلق عندهم على ما يقابل البدعة، كقولهم: طلاق السنة كذا، وطلاق البدعة كذا“ ]علوم الحديث 1 / 55 للأستاذ الدكتور موسى شاهين لاشين[.
تنقسم الأحكام عند الفقهاء إلى خمسة أقسام: الواجب، والسنة، والحرام، والمكروه، والمباح.
فالسنة عندهم نوع من الأحكام الخمسة ومعناها عندهم: هي ما يثاب عليه فاعله ولا يعاقب تاركه، فالإنسان مخير بين أن يعملها ويأخذ عليها أجرا، أو يتركها فلا يعاقب على تركها، وذلك كصلاة السنن إذا صلاها المكلف يؤجر عليها وإذا تركها لا يعاقب على تركها.
أما الواجب أو المفروض فإن المكلف يثاب أو يؤجر على فعله ويعاقب على تركه، وذلك كالصلوات المفروضة يؤجر الإنسان إذا أداها ويعاقب إذا تركها.
وأحيانا يستخدم الفقهاء السنة في مقابلة البدعة في بعض الأحكام، كما ورد التعبير عندهم في باب الطلاق بقولهم الطلاق السني وهو ما وافق السنة، والطلاق البدعي هو ما ورد على خلاف ما أمر به النبي –صلى الله عليه وسلم-.
معنى السنة عند الوعاظ
وأما الوعاظ فيريدون بالسنة ما قابل البدعة فمن فعل شيئا على وفق فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- أو فعل الصحابة –رضوان الله عليهم- يكون على سنة ومن فعل شيئا على خلاف فعل النبي –صلى الله عليه وسلم-أو الصحابة يكون مبتدعا.
يقول الإمام الشاطبي: ويطلق أيضا ]إطلاق لفظ السنة[ في مقابلة البدعة، فيقال: “فلان على سنة” إذا عمل على وفق ما عمل عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، سواء كان ذلك مما نُص عليه في الكتاب أو لا، ويقال: “فلان على بدعة” إذا عمل على خلاف ذلك، وكأن هذا الإطلاق إنما اعتبر فيه عمل صاحب الشريعة، فأطلق عليه لفظ السنة من تلك الجهة، وإن كان العمل بمقتضى الكتاب،
ويطلق لفظ السنة على ما عمل عليه الصحابة، وجد ذلك في الكتاب أو السنة أو لم يوجد، لكونه اتباعا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا، أو اجتهادا مجتمعا عليه منهم أو من خلفائهم، فإن إجماعهم إجماع، وعمل خلفائهم راجع أيضا إلى حقيقة الإجماع، من جهة حمل الناس عليه حسبما اقتضاه النظر المصلحي عندهم ]الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي 4 / 3[.