موضع صلاة الجنازة هل يكون في المسجد أو في الخلاء خارج المسجد، وللجواب على هذا السؤال لابد وأن نفرق بين الجواز والأفضلية.
جواز صلاة الجنازة في أي موضع
اتفق الفقهاء على جواز الصلاة على الجنازة في أي موضع تصح الصلاة فيه سواء داخل المسجد أو خارجه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا).
الموضع الأفضل لصلاة الجنازة
اختلف الفقهاء في الموضع الأفضل لصلاة الجنازة، فمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ تكره صلاة الجنازة فِي الْمَسْجِدِ، وَقَال الإمام مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ فِي الْمَسْجِدِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: استحبوا الصَّلاَةُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا أُمِنَ تَلْوِيثُ المسجد، أَمَّا إِذَا خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ فَلاَ يَجُوزُ إِدْخَالُهُ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تُبَاحُ الصَّلاَةُ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَمْنِ تَلْوِيثٍ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ لَمْ يَجُزْ.
دليل من أجاز صلاة الجنازة في المسجد
من أجاز الصلاة على الجنازة في المسجد من الفقهاء استدل بما روي عن عَائِشَة -رضي الله عنها- أَنَّهَا قالت: (مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سُهَيْلِ ابْنِ بَيْضَاءَ إِلَّا فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ)[مسلم]
وَكَانَ سُهَيْل قديم الْإِسْلَام هَاجر إِلَى الْحَبَشَة ثمَّ إِلَى الْمَدِينَة وَشهد بَدْرًا وَغَيرهَا وَمَات سنة تسع من الْهِجْرَة.
وقال ابن المنذر: صُلِّى على أبى بكر، وعمر فى المسجد.
دليل من كره صلاة الجنازة في المسجد
حجة من كره صلاة الجنازة فى المسجد ما روي عن أبى هريرة –رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من صلى على جنازة فى المسجد فلا شىء له). وهذا الحديث إسناده ضعيف لا يثبت.
واستدلوا أيضا أنه لما مات النجاشي أعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- الصَّحَابَة بِمَوْته فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ مَعَ بعد عَظِيم بَين أَرض الْحَبَشَة وَالْمَدينَة.
وخرج بهم إِلَى الْمصلى فَصف بهم، وَصلى عَلَيْهِ، وَلَو سَاغَ أَن يصلى عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِد لما خرج بهم إِلَى الْمصلى. والمصلى هو المكان الذي كان يُصلَّى فيه على الجنازة وهو غير المسجد.
واستدلوا باستنكار الصحابة على عائشة –رضي الله عنها- لما أرادت إدخال جنازة سعد بن أبي وقاص المسجد من أجل أن يصلي عليه أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الجمع بين الآراء في موضع الصلاة على الجنازة
مما سبق يتبين لنا أن الأغلب من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصلي الجنازة في المصلى أي الخلاء، وأنه أدى الصلاة في المسجد لبيان جواز الصلاة على الجنازة في المسجد.
قال أبو عمر بن عبد البر في التمهيد : “إن السنة أن تخرج الجنائز إلى المصلى ليصلى عليها هناك، وفي ذلك دليل على أن صلاته على سهيل بن بيضاء في المسجد إباحة وليس بواجب”.
وذكر الإمام ابن القيم في زاد المعاد: “إن سنته وهديه الصلاة على الجنازة خارج المسجد إلا لعذر، وكلا الأمرين جائز، والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد”.