عقيدة الإمام الحاكم صاحب كتاب المستدرك

عقيدة الإمام الحاكم صاحب كتاب المستدرك

عقيدة الإمام الحاكم صاحب كتاب المستدرك حيث تكلم البعض في عقيدته واتهموه بالتشيع بسبب بعض الأحاديث التي رواها في كتابه المستدرك.

عقيدة الإمام الحاكم صاحب كتاب المستدرك حيث تكلم البعض في عقيدته واتهموه بالتشيع بسبب بعض الأحاديث التي رواها في كتابه المستدرك.

رمي الناس بغير دليل

لو سلمنا لأي اتهام يتهم به عالم من العلماء لما وجدنا واحدا منهم يسلم من اتهام أعدائه له بما يرغب به عنه، بل لابد من عرضه على المنهج العلمي لمعرفة ما إذا كان ثبت عليه هذا الاتهام أم لا.

ضرورة التحري قبل إصدار الأحكام

ما من عالم من العلماء إلا وله شانؤن وحاسدون، أو مخالفون له في المذهب، فيحاولون أن ينالوا منه عن طريق نسبته إلى مذهب من المذاهب الرديئة التي إذا نسب إليها رغب الناس عنه.

يقول الإمام ابن جرير الطبري: لو كان كل من ادعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك للزم ترك أكثر محدثي الأمصار؛ لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه] هدي الساري مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري 571 [.

الأمور التي اتهم الحاكم بسببها بالتشبع والرفض

نُسِب الإمام الحاكم -رحمه الله- إلى التشيع والرفض بسبب عدة أمور، أذكرها إجمالا ثم أوردها تفصيلا وأرد على كل واحدة منها.

أولا: إخرجه لحديث الطير.

ثانيا: عدم روايته شيئا في فضائل معاوية رضي الله عنه-.

ثالثا: نسبة بعض العلماء له إلى التشيع والرفض.

رابعا: الخلاف الواقع بينه وبين الكرامية.

خامسا: رواية الحاكم أحاديث في
فضائل آل البيت.

اتهام الإمام الحاكم بالتشيع والرفض 

اتهم الإمام الحاكم بالتشيع بسبب إخراجه لحديث الطير في مستدركه حيث رواه الإمام الحاكم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كنت أخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقُدِّم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرخ مشوي فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، قال: فقلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار. فجاء علي -رضي الله عنه- فقلت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حاجة، ثم جاء، فقلت: إن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حاجة، ثم جاء، فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: افتح فدخل.

فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: ما حبسك علي، فقال: إن هذه آخر ثلاث كرات يردني أنس يزعم أنك على حاجة، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقلت: يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلا من قومي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: إن الرجل قد يحب قومه. ]المستدرك على الصحيحين 3 / 130[

حكم الحاكم على الحديث

هذا الحديث قد أخرجه الحاكم في مستدركه وقال عقبه: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه، و قد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفسا، ثم صحت الرواية عن علي، و أبي سعيد الخدري، وسفينة، و في حديث ثابت البناني عن أنس زيادة ألفاظ.

وقال الذهبي في التلخيص: ابن عياض لا أعرفه. 

هذا الحديث كان الحاكم قبل ذلك يضعفه ثم تغير اجتهاده فصححه، نقل الذهبي عن أبي عبد الرحمن الشاذياخى قوله: كنا في مجلس السيد أبى الحسن، فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير فقال: لا يصح، ولو صح لما كان أحد أفضل من على -رضى الله عنه- بعد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-.

قلت (الذهبي): ثم تغير رأى الحاكم وأخرج حديث الطير في مستدركه، ولا ريب أن في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحة، بل فيه أحاديث موضوعة شان المستدرك بإخراجها فيه.

وأما حديث الطير فله طرق كثيرة جدا قد أفردتها بمصنف ومجموعها يوجب أن يكون الحديث له أصل.

وأما حديث: (من كنت مولاه). فله طرق جيدة وقد أفردت ذلك أيضا] تذكرة الحفاظ للذهبي 3 / 1042 [.

فكلام الإمام الذهبي يدل على أن حديث الطير له طرق كثيرة تصل بمجموعها إلى أن يكون الحديث له أصل، فليس إخراج الحاكم لحديث الطير هذا كافيا لأن يتهم بالرفض والتشيع.

وقال ابن السبكي: وأما الحكم على حديث الطير بالوضع فغير جيد ورأيت لصاحبنا الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي عليه كلاما قال فيه بعد ما ذكر تخريج الترمذي له، وكذلك النَّسَائِي في خصائص علي -رضي الله عنه-: إن الحق في الحديث أنه ربما ينتهي إلى درجة الحسن أو يكون ضعيفا يحتمل ضعفه قال: فأما كونه ينتهي إلى أنه موضوع من جميع طرقه فلا] طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 4 / 170 [.

بهذا يتبين أن الحاكم -رحمه الله- لم ينفرد بإخراج حديث الطير في كتابه بل قد أخرجه الترمذي وأخرجه النَّسَائِي في خصائص علي، وقد حكم الحافظ العلائي على الحديث بأنه ربما يكون حسنا أو ضعيفا ضعفا يحتمل، ونفى عنه الوضع، إذا فإخراج الحاكم لحديث الطير ليس سببا كافيا لأن يتهم بالتشيع والرفض.

وقد صح في فضائل  علي رضي الله عنهما هو أكثر من ذلك فقد روى الإمام مسلم عن علي –رضي الله عنه- أنه قال: )والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلمإليَّ أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق)] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان / باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الإيمان 1 / 86 رقم 131 [.

عدم رواية الحاكم شيئا في فضائل معاوية رضي الله عنه

ليس هذا مما يدل على رفض الحاكم وتشيعه؛ لأنه ليس الإمام الحاكم رحمه الله- وحده هو الذي رفض أن يروي شيئا في فضائل معاوية رضي الله عنه- فقد سبقه غيره في عدم روايتهم شيئا في فضائله، من هؤلاء الإمام النَّسَائِي.

قال الذهبي: قيل له (النَّسَائِي):ألا تُخَرِّج فضائل معاوية -رضي الله عنه-؟ فقال: أي شئ أخرج؟ حديث: اللهم، لا تشبع بطنه] أخرجه مسلم بلفظ لا أشبع الله بطنه في كتاب البر والصلة والآداب / باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة 4 / 2010 رقم 2604 [ فسكت السائل.

ثم بين الذهبي أن هذا الحديث إنما يعد في مناقب معاوية رضي الله عنه- فقال: قلت: لعل أن يقال: هذه منقبة لمعاوية لقوله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم، من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة

] سير أعلام النبلاء للذهبي 14 / 129. والحديث أحرجه مسلم بلفظ اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة. في كتاب البر والصلة والآداب / باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة. 4 / 2007 رقم 2601. [.

وعلى هذا فإن عدم رواية الحاكم -رحمه الله- شيئا في فضائل معاوية رضي الله عنه- ليس مما يشان به الحاكم أو يطعن به في عقيدته، فقد سبقه إلى ذلك الإمام النَّسَائِي، وقد اجتهد الحاكم ورأى أنه لم يصح في فضائله شيء، وأن هذا الحديث الذي صح لا يعد من المناقب بل من المثالب.

نسبة بعض العلماء للحاكم إلى التشيع والرفض

قال ابن طاهر سألت أبا إسماعيل الأنصاري عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث رافضي خبيث. ثم قال ابن طاهر: كان شديد التعصب للشيعة في الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا عن معاوية وآله متظاهرا بذلك ولا يعتذر منه.

وقد رد الحافظ الذهبي على ابن طاهر فقال: أما انحرافه عن خصوم علي فظاهر، وأما أمر الشيخين فمعظم لهما بكل حال فهو شيعي لا رافضي، وليته لم يصنف المستدرك فإنه غض من فضائله بسوء تصرفه]تذكرة
الحفاظ للذهبي 3 / 1045
[.

وهو كما قال الذهبي في انحرافه عن معاوية فقد أخرج كثيرا من الأحاديث في ذكر مثالب بني أمية، لكنه في ذات الوقت معظم للشيخين، وعثمان، وقد أخرج أحاديث في فضائلهم في مناقب الصحابة، وقد أخرج في مناقب طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وهؤلاء ممن حاربوا عليا رضي الله عنه-، فكل هذا إنما يدل على أن الحاكم -رحمه الله- كان عنده ميل زائد لعلي ويرى أحقيته في الخلاف الذي جرى بينه وبين معاوية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تشيع بسيط عند الحاكم.

وقال ابن السبكي: كلام أبي إسماعيل وابن الطاهر لا يجوز قبوله في حق الإمام؛ لما بينهم من مخالفة العقيدة وما يرميان به من التجسيم أشهر مما يرمى به الحاكم من الرفض، ولا يغرنك قول أبي إسماعيل قبل الطعن فيه إنه ثقة في الحديث، فمثل هذا الثناء يقدمه من يريد الإزراء بالكبار قبل الإزراء عليهم ليوهم البراءة من الغرض وليس الأمر كذلك]طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 4 / 163 [.

وعلى هذا فكلام أبي إسماعيل وابن طاهر لا يجوز قبوله في الإمام الحاكم لما بينهما من مخالفة في العقيدة والحال إذا كان كذلك أوجب التروي في قبول هذه الأحكام حتى نجد غيرهم قد وافقوهم على هذا القول.

قال ابن السبكي:ومما ينبغي أيضا تفقده (عند الجرح) وقد نبه عليه شيخ الإسلام ابن دقيق العيد- الخلاف الواقع بين كثير من الصوفية وأصحاب الحديث، فقد أوجب كلام بعضهم في بعض، كما تكلم بعضهم في حق الحارث المحاسبي وغيره، وهذا في الحقيقة داخل في قسم مخالفة العقائد، وإن عده ابن دقيق العيد غيره، والطامة الكبرى إنما هي في العقائد المثيرة للتعصب والهوى] قاعدة في الجرح والتعديل وقاعدة في المؤرخين لابن
السبكي 54
[.

الخلاف الواقع بين الحاكم والكرامية

نقل الذهبي عن أبي الفتح سمكويه قال: سمعت عبد الواحد المليحي، سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: دخلت على الحاكم وهو في داره، لا يمكنه الخروج إلى المسجد من أصحاب أبي عبد الله بن كرام، وذلك أنهم كسروا منبره، ومنعوه من الخروج، فقلت له: لو خرجت وأمليت في فضائل هذا الرجل حديثا (يعني معاوية)، لاسترحت من المحنة، فقال: لا يجئ من قلبي، لا يجئ من قلبي. فهذا يدل على أنه كان هناك خلاف بين الإمام الحاكم والكرَّامية، وهذا الخلاف في الحقيقة إنما هو مما يعلي شأن الحاكم رحمه الله-، وذلك لأن هؤلاء الكرامية هم أتباع محمد بن كرَّام السجستاني وعلى مذهبه، وقد تكلم العلماء في محمد بن كرام هذا حتى اتهمه بعضهم بالكفر فليس الخلاف معه أو مع أصحابه مما ينقص من قدر الإمام الحاكم.

جاء في لسان الميزان في ترجمة محمد بن كرام، أنه شيخ الكرامية ساقط الحديث على بدعته. وقال ابن حبان: خُذِل حتى التقط من المذاهب أَرْدَاها، ومن الأحاديث أَوْهَاها.

وقال أبو العباس السراج: شهدت البخاري ودفع إليه كتاب من ابن كرام، يسأله عن أحاديث، منها الزهري عن سالم عن أبيه، مرفوعا: (الإيمان لا يزيد ولا ينقص). فكتب إليه أبو عبد الله على ظهر كتابه من حدث بهذا استوجب الضرب الشديد والحبس الطويل.

وقال ابن حزم: قال ابن كرام: الإيمان قول باللسان، وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن. قلت (ابن حزم): هذا منافق محض، في الدرك الأسفل من النار قطعا. ومن بدع الكرامية قولهم في المعبود تعالى: أنه جسم لا كالأجسام.

وقال أبو بكر محمد بن عبد الله، سمعت جدي العباس بن حمزة، وابن خزيمة الحسين بن الفضل البجلي، يقولان: الكرامية كفار يستتابون فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم] لسان الميزان لابن حجر 5 / 353 رقم 1158 [.

من هذه النقول التي نقلتها يتبين أن الخلاف معهم لا يضر شيئا بل إن خلافهم مع الإمام الحاكم مما يعلي قدره، ويبين منزلته.

رواية الحاكم أحاديث في فضائل آل البيت

مجرد رواية أحاديث في فضائل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم- لا يدل على تشيع الحاكم -رحمه الله-؛ لأنه لا يستطيع أحد أن ينكر فضائل آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال الذهبي: وللحاكم جزء في فضائل فاطمة -رضي الله عنها-] تاريخ الإسلام للذهبي 28 / 132 [.

ثم قال ابن السبكي بعد أن نقل هذا الكلام عن شيخه الذهبي: وهذا لا يلزم منه رفض ولا تشيع ومن ذا الذي ينكر فضائلها -رضي الله عنها-] طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 4 / 166[.

وأما إن كان الإمام الحاكم رحمه الله- روى في فضائلها أحاديث لا تصح، فقد روى في فضائل عثمان رضي الله عنه- أيضا أحاديث لا تصح

قال ابن السبكي: وقدم في المستدرك ذكر عثمان على علي -رضي الله عنهما- وروى فيه من حديث أحمد بن أخي ابن وهب، حدثنا عمي، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:

أول حجر حمله النبي صلى الله عليه وسلم- لبناء المسجد، ثم حمل أبو بكر حجرا آخر، ثم حمل عثمان حجرا آخر فقلت: يا رسول الله ألا ترى إلى هؤلاء كيف يسعدونك، فقال: يا عائشة هؤلاء الخلفاء من بعدي.

قال الحاكم على شرطهما وإنما اشتهر من رواية محمد بن الفضل بن عطية فلذلك هجر 

قلت: وقد حكم شيخنا الذهبي في كتابه تلخيص المستدرك بأن هذا الحديث لا يصح لأن عائشة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم- بنى بها إذ ذاك. 

قال (الذهبي): وأحمد منكر الحديث وإن كان مسلم خرج له في الصحيح ويحيى وإن كان ثقة فيه ضعف. قلت (ابن السبكي): فمن يخرج هذا الحديث الذي يكاد يكون نصا في خلافة الثلاثة مع ما في إخراجه من الاعتراض عليه يظن به الرفض!،

وخرج أيضا في فضائل عثمان حديث: لينهض كل رجل منكم إلى كفئه فنهض النبي صلى الله عليه وسلم- لعثمان وقال: أنت ولي في الدنيا والآخرة.

وصححه مع أن في سنده مقالات، وأخرج غير ذلك من الأحاديث الدالة على أفضلية عثمان مع ما في بعضها من الاستدراك عليه، وذكر فضائل طلحة، والزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، فقد غلب على الظن أنه ليس فيه ولله الحمد شيء مما يستنكر عليه إفراط في ميل لا ينتهي إلى بدعة، وأنا أجوز أن يكون الخطيب إنما يعني بالميل إلى ذلك، ولذلك حكم بأن الحاكم ثقة، ولو كان يعتقد فيه رفضا لجرحه به لا سيما على مذهب من يرى رد رواية المبتدع مطلقا فكلام الخطيب عندنا يقرب من الصواب] طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 4 / 168[.

أقوال الأئمة في تشيع الحاكم تشيعا قليلا لا يضر

مما سبق يتبين أن النتيجة التي نخلص إليها هي أن الحاكم -رحمه الله- كان عنده نوع من التشيع الذي لا يخرجه عن كونه إماما من أئمة أهل السنة. 

قال أبو بكر الخطيب: أبو عبد الله الحاكم كان ثقة يميل إلى التشيع] تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 5 / 473[.

وقال الذهبي: الله يحب الانصاف، ما الرجل برافضى، بل شيعي فقط] ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي 6 / 216 [.

وقال أيضا: وكان من بحور العلم على تشيع قليل فيه] سير أعلام النبلاء للذهبي 17 / 165[.

وقال ابن السبكي: وغاية ما قيل فيه الإفراط في ولاء علي -كرم الله وجهه- ومقام الحاكم عندنا أجل من ذلك] طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 4 / 163 [.

هناك آخرون غير الحاكم نسبوا للتشيع:

هذا النوع من التشيع الي نسب إليه الإمام الحاكم ليس وحده هو الذي نسب إليه من بين أئمة أهل السنة، فقد نسب إليه آخرون منهم: محمد بن إسحاق بن يسار صاحب السير]تقريب التهذيب 2 / 54 رقم 5743 [، ومحمد بن إدريس أبو حاتم الرازي]تهذيب التهذيب 9/ 29 [، وعبد الرزاق بن همام] تقريب التهذيب 1 / 599 رقم 4078 [، وعبيد الله بن موسى] المصدر السابق 1 / 640 رقم 4361 [.

هل التشيع كله على درجة واحدة؟

إن كان الإمام الحاكم قد ثبتت نسبته إلى التشيع فهل معنى التشيع واحد، بحيث إذا ثبت على أحد ترد روايته، أم أنه درجات، فمنها ما تقبل به رواية صاحبه، ومنها ما ترد به رواية صاحبه؟

هذا التساؤل أجاب عنه الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمة أبان بن تغلب فقال بعد أن قال فيه شيعي جلد، قال: صدوق، فعقب على هذا وقال: فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع، وحد الثقة العدالة والاتقان؟ فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة؟

وجوابه: أن البدعة على ضربين: فبدعة صغرى، كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية،

وهذه مفسدة بينة، ثم بدعة كبرى، كالرفض الكامل، والغلو فيه، والحط على أبى بكر وعمر -رضى الله عنهما، والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة، وأيضا فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا، بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف يقبل نقل من هذا حاله! حاشا وكلا.

فالشيعي الغالى في زمان السلف وعرفهم، هو من تكلم في عثمان، والزبير، وطلحة، ومعاوية، وطائفة ممن حارب عليا -رضى الله عنه-، وتعرض لسبهم. والغالي في زماننا وعرفنا هو الذى يكفر هؤلاء السادة، ويتبرأ من الشيخين أيضا، فهذا ضال معثر] ميزان الاعتدال 1 / 118[.

للاطلاع على المزيد:

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *