تعريف الكرامة والفرق بينها وبين المعجزة هذا ما سنتعرف عليه هنا، فالكرامة يعرفها العلماء بقولهم هي أمر خارق للعادة يظهره الله على يد رجل ظاهر الصلاح.
معنى كون الكرامة خارقة للعادة
ومعنى أن الكرامة أمر خارق للعادة أي أنه لا يمكن لأحد من الناس أن يتعلمها ولا أن يكتسبها ويكرم الله بها من شاء من عباده.
التوافق بين الكرامة والمعجزة
وهذه الكرامة إنما تشبه المعجزة فإن المعجزة هي أمر خارق للعادة أيضا، ولا يمكن لأحد أن يأتي بمثلها، لكن الفارق بين الكرامة والمعجزة أن المعجزة يظهرها الله على يد نبي، أما الكرامة فيظهرها الله على يد ولي من أولياء الله الصالحين.
الكرامة والمعجزة يتفقان في أن كلا منهما أمر خارق للعادة، ويتفقان في أن كلا منهما محض فضل من الله.
ويتفقان في أن كلا منهما لا يدعي النبي أنه هو الذي فعل المعجزة وليس الولي يدعي أنه هو الذي فعل المعجزة، إنما كلاهما مقر بأن هذا من فضل الله عليه.
الفارق بين الكرامة والمعجزة
لكن هناك فارق بين كرامة والمعجزة، فالكرامة التي تظهر على يد الولي لا يجوز للولي أن يعلن كرامته في الناس ويدعو الناس إليها؛ لأنه إن فعل ذلك سلبه الله تلك الكرامة.
فهذا الذي يقف في الناس معلنا كرامته ويدعو الناس إليها هذا ليس بولي؛ لأن الولي يقوم على الاختفاء، وستر ما أظهره الله على يديه لئلا يسلب تلك النعمة.
أما النبي فيجب عليه أن يعلن معجزته في الناس وأن يتحدى الناس بهذه المعجزة التي أيده الله بها. لأن هذه المعجزة هي دليل صدق هذا النبي.
فالناس من حقهم إذا جاءهم النبي أن يسألوه ويقولوا له ما هو الدليل على انك نبي؟ في هذه الحالة يجب على النبي أن يثبت أو يظهر لهم المعجزة التي أيده الله بها؛ لأنها هي دليل صدقه على أنه نبي مرسل من عند الله.
تحدي النبي قومه بالقرآن
كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه كان يتحدى المشركين بهذه المعجزة وهي القرآن الكريم، يتحداهم به صباحا ومساء ويثبت عجزهم عن الإتيان بمثله ليثبت للناس أن القرآن معجزة.
وأن الذي أيده بتلك المعجزة إنما هو الله -عز وجل- فكان يتحداهم تارة بأن يأتوا بمثل هذا القرآن كله.
فلما عجزوا عن الإتيان بذلك تحداهم أن يأتوا بمثل عشر سور من القرآن، فلما عجزوا عن ذلك تحداهم أن يأتوا بمثل سورة من القرآن.
هذا هو الفارق بين الكرامة والمعجزة، فالنبي يتحدى بمعجزته لأنها هي دليل صدقه.
النبي يأمن عاقبته والولي لا يأمن
الأمر الآخر في الفارق بين الكرماة والمعجزة أن النبي يأمن عاقبته، أما الولي فلا يأمن عاقبته، بمعنى أن النبي لا يمكن أبدا أن ينقلب في نهاية حياته كافرا؛ لأن الله -عز وجل- عصم الأنبياء عن الوقوع في الكفر، بل هم معصومون عن الوقوع في ارتكاب الكبائر.
أما الصغائر فهناك خلاف بين العلماء في ذلك، فالنبي معصوم أما الولي فليس بمعصوم فهو لا يأمن عاقبته.
فربما يلتزم الإنسان في بداية حياته وينقلب في آخر حياته كافرا، لذلك الولي يخفي كرامته ولا يظهرها ولا يعلنها في الناس لأنه لا يأمن عاقبته.
رأي المعتزلة في الكرامة
المعتزلة ينكرون كرامات الأولياء ويحتجون على ذلك بقولهم: إنه لو كان للأولياء كرامة لكان ذلك قادحا في معجزات الأنبياء، أي يقولون: إن الله -عز وجل- خرق نواميس هذا الكون لهؤلاء الأنبياء بتلك المعجزات التي أيدهم بها.
فيقول المعتزلة: فلو أثبتنا أن الله يخرق نواميس هذا الكون لأحد من الأولياء من أتباع الأنبياء لكان هذا قادحا في المعجزة.
والجواب على هذا أن هذا لا يكون قادحا في معجزة الأنبياء؛ لأنه كما قلنا المعجزة من الله والكرامة من الله، ولأن الكرامة إذا ظهرت على يد الولي الذي يدعي أنه من أتباع
هذا النبي، فإن هذا يؤكد على صحة هذا الطريق الذي يسير عليه هذا الولي وهو طريق هذا النبي.