الحجر الصحي في الإسلام

الحجر الصحي في الإسلام

الحجر الصحي من أهم الوسائل التي يستخدمها الأطباء في العصر الحاضر للحَدِّ من انتشار الأمراض المعدية.

الحجر الصحي من أهم الوسائل التي يستخدمها الأطباء في العصر الحاضر للحَدِّ من انتشار الأمراض المعدية.

معنى الحجر الصحي

الحجر الصحي معناه: منع أي شخص من دخول المناطق التي انتشر بها الوباء، ومنع أي شخص من الخروج من المكان الذي انتشر به المرض، وهذا هو ما أمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ أكثر من أربعة عشر قرنا.

الحجر الصحي في السنة 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ ]قرية في طريق الشام مما يلي الحجاز[. لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ، أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لِي المُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، 

ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لِي الأَنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلاَفِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ، فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلاَ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الوَبَاءِ،

فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ: إِنِّي مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. ]مسافر في الصباح[قَالَ أَبُوعُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ: أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ؟ ]لو قال غيرك هذه المقالة لأدبته، أو لم أتعجب منه[. نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ،

أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ  ]طرفان[ ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ – وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ – فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا
مِنْهُ) قَالَ: فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ.
]رواه البخاري[

عقوبة الفار من الطاعون

 وروى الإمام أحمد في مسنده أن رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الْفَارُّ مِنَ الطَّاعُونِ، كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ، وَالصَّابِرُ فِيهِ، كَالصَّابِرِ فِي الزَّحْفِ)

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (الْفَارُّ مِنَ الطَّاعُونِ، كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ، وَالصَّابِرُ فِيهِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ)[رواه أحمد]

فَكَمَا يحرم الْفِرَار من الزَّحْف يحرم الْخُرُوج من بلد وَقع بهَا الطَّاعُون، لئلا ينقل المرض لغيره من الناس، (والصابر فِيهِ كالصابر فِي الزَّحْف) فِي حُصُول الثَّوَاب لَكِن مَحل النَّهْي حَيْثُ قصد الْفِرَار.

فهذا الخبر يدل على أن النهى عن الخروج للتحريم، وأنه من الكبائر، فالخروج من أرض وقع فيها الطاعون فراراً منه حرام.

جزاء الصابر على الطاعون

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ)[رواه البخاري] 

يبين أن الصابر على الطاعون الذي نزل به، المحتسب أجره على الله، العالم أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله عليه، ولذلك تمنى معاذ أن يموت فيه؛ لعله إن مات فيه فهو شهيد، وأما من جزع من
الطاعون وكرهه وفر منه فليس بداخل في معنى الحديث.

شارك

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *