سنتعرف في هذا المقال على أحكام الأضحية ووقتها وشروطها، فالأُضحيَّة -بتشديد الياء- وجمعها الأضاحيّ، وتسمي بالضحيَّة وجمعها الضحايا، وبها سمي يوم الأضحى وهو اليوم الذي يضحي الناس فيه.
معنى الأضحية
ومعنى الأضحيَّة في الشرع ما يذبح تقربا إلى الله في أيام النحر بشروط مخصوصة، فما يذبحه الإنسان ويكون قاصدا بيعه لا يكون أضحية؛ لأنه لم يذبح تقربا إلى الله، وما يذبح في غير أيام النحر لا يسمى أضحية.
الدليل على مشروعية الأضحية
ثبتت مشروعية الأضحية بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال الله –تعالى-: (فَصَل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) والمعنى: فصل صلاة العيد ثم انحر البدن، وهذا يفيد أن النحر يبدأ من بعد صلاة العيد.
وأما دليلها من السنة فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعلها، فعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ، وَأَنَا أُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ)]البخاري[
متى شرعت الأضحية؟
شرعت الأضحية في السنة الثانية من الهجرة وقد شرع في هذه السنة صلاة العيدين وزكاة المال.
حكمة مشروعية الأضحية
شرعت الأضحية إحياء لسنة أبينا إبراهيم -عليه السلام- حين أمره الله بذبح ولده إسماعيل فلما استجاب لأمر الله بذبح هوى نفسه وقدم أمر الله على حبه لولده، فداه الله بذبح عظيم، قال الله: (وَنَادَيْنَاهُ
أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).
وفيه نوع من التأسي بنبي الله إبراهيم في وجوب تقديم أمر الله على هوى النفس، وإيثار طاعة الله على محبة الولد والأهل والمال.
وقت الأضحية
يبدأ وقت التضحية من بعد صلاة العيد يوم النحر، والأفضل تأخير الذبح إلى ما بعد الخطبة، وينتهي وقت التضحية بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق وهو اليوم الرابع من أيام العيد.
فقد ذهب جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء أن أيام الأضحية هي أربعة أيام من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق الثلاثة حتى تغيب شمسه.
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ»]البخاري[
حكم الأضحية
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأضحية سنة مؤكدة، واستدلوا على ذلك بقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ
شَيْئًا)]مسلم[
فقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (وأراد أحدكم). دليل على أن الأضحية سنة حيث جعل أمر الأضحية مفوضا إلى إرادة المضحي، ولو كانت التضحية واجبة لعبر بما يفيد العزيمة والوجوب، أو لاقتصر على قوله: (فلا يمس من شعره وبشره شيئا).
وقد ورد أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان السنة والسنتين مخافة أن يرى الناس ذلك واجبا.
وأما الإمام أبو حنيفة فقد استدل على الوجوب بحديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من كان له سعة، ولم يضح، فلا يقربن مصلانا)]ابن ماجه[.
قال الإمام أبو عمر ابن عبد البر في الاستذكار: لَيْسَ فِي اللَّفْظِ تَصْرِيحٌ (بِإِيجَابِهَا) لَوْ كَانَ مَرْفُوعًا فَكَيْفَ وَالْأَكْثَرُ يَجْعَلُونَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ (إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ) وَلَا شَيْءَ يُقَالُ فِي الْوَاجِبِ مَنْ أَرَادَ فِعْلَهُ.
وأما حديث: (إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةً وَعَتِيرَةً. وَهَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةُ)]أبو داود[
قال البيهقي في السنن والآثار: وَهَذَا إِنْ صَحَّ، فَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَتِيرَةِ، وَالْعَتِيرَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ بِالْإِجْمَاعِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفُ الْمَخْرَجِ لأن أبارملة مَجْهُولٌ.
قال الإمام الصنعاني: وَلِضَعْفِ أَدِلَّةِ الْوُجُوبِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ بَلْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ.
الإشراك في الأضحية
يجوز للمضحي أن ينوي الأضحية عن نفسه وأهل بيته من زوجته وأولاده وأبويه، والمقصود بأهل البيت من يلزم المضحي الإنفاق عليهم.
عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ: كَيْفَ كَانَتْ الضَّحَايَا فِيكُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَ كَمَا تَرَى.]ابن ماجه[
الاشتراك في الأضحية
جمهور العلماء على جواز اشتراك سبعة من المضحين في البدنة أي الجمل أو البقرة وتشمل الجاموس، ولا يجوز الاشتراك في الضأن والماعز فلا تجوز إلا عن مضحي واحد.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ –رضي الله عنهما- قَالَ: (نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ)]مسلم[
فدل هذا الحديث على جواز الاشتراك في البدنة أي الجمل والبقرة وأنهما يجزيان عن سبعة أما الشاة من الضأن والماعز فلا يجوز الاشتراك فيها.
قال النووي: وأجمعوا على أن الشاة لا يجوز الاشتراك فيها.
وقال النووي في شرحه على مسلم: مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ سَوَاءٌ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ وَاجِبًا وَسَوَاءٌ كَانُوا كُلُّهُمْ مُتَقَرِّبِينَ أَوْ بَعْضُهُمْ يُرِيدُ الْقُرْبَةَ وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ اللَّحْمَ… وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ دَاوُدُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ دُونَ الْوَاجِبِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ إِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ مُتَقَرِّبِينَ وَإِلَّا فَلَا.
الأضحية المنذورة
النذر هو ما يوجبه الإنسان على نفسه، فإذا نذر الإنسان أن يضحي بشاة معينة كأن قال : لله علي أن أضحي بهذه الشاة. وجب عليه التضحية بها.
وإذا نذر التضحية بشاة في الذمة كأن قال : لله على أن أضحي بشاة صفتها كذا أو ثمنها كذا. وجب عليه أن يلتزم بما ألزم نفسه به.
ولا يجوز له أن يعدل عما نذر أن يضحي به إلا إذا عدل لما هو أفضل وخير منها، لأن هذا أنفع للفقراء.
شروط صحة الأضحية
1 – أن تكون الأضحية من الأنعام
وهي الإبل والبقر ومعها الجاموس، والغنم ومعها الماعز، ويجوز في ذلك كله الذكور والإناث، فلا تصح الأضحة بشيء آخر غير الأنعام كالطيور والغزلان وغير ذلك.
قال النووي: أجمع العلماء على أنه لا تجزئ التضحية بغير الإبل والبقر والغنم…
قال الله: (وَلِكُل أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأْنْعَامِ).
2 – أن تبلغ الأضحية سن التضحية
بأن تكون ثنية أو فوق الثنية من الإبل والبقر والمعز، وجذعة أو فوق الجذعة من الغنم.
والجذعة من الغنم ما أتم ستة أشهر بشرط أن يكون عظيما بحيث لو خالط ما بلغ السنة يشتبه على الناظرين.
وهذه الجذعة من الضأن يجوز التضحية به سواء وجد المرء غيرها أم لا، قال النووي: أما الجذع من الضأن فمذهبنا ومذهب العلماء كافة أنه يجزئ سواء وجد غيره أم لا.
والثني من الضأن والماعز ما بلغ سنة، والثني من البقر ما بلغ سنتين، ومن الإبل ما بلغ خمس سنين.
وأما من لم يجز الأضحية بالجذعة من الضأن إذا كان الإنسان يملك الثني من غيره فقد استدل بقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ،
فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ)]مسلم[
قال الإمام النووي: قال الجمهور: هذا الحديث محمول على الاستحباب والأفضل، وتقديره: يستحب لكم ألا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن، وليس فيه تصريح بمنع جذعة الضأن، وأنها
لا تجزئ بحال، وقد أجمعت الأمة على أنه ليس على ظاهره، لأن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره، وعدمه، وابن عمر والزهري يمنعانه مع وجود غيره وعدمه، فتعين تأويل الحديث على ما ذكرنا من الاستحباب. اهـ
3 – سلامة الأضحية من العيوب
التي من شأنها أن تنقص اللحم أو الشحم ومن هذه العيوب:
العمياء، والعوراء البين عورها، ومقطوعة اللسان بالكلية أو التي ذهب قدر كبير من لسانها، والجدعاء وهي مقطوعة الأنف، ومقطوعة الأذنين أو إحداهما، والعرجاء البين عرجها، والجذماء وهي مقطوعة اليد أو الرجل، ومقطوعة الإلية، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تُنْقِي وهي الهزيلة التي ذهب مخ عظامها.
والجلالة وهي التي تأكل العذرة أي النجاسات حتى تستبرأ بأن تحبس أربعين يوما على طعام طاهر
عَنْ أَبِي الضَّحَّاكِ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ مَوْلَى بَنِي شَيْبَانَ قَالَ: قُلْتُ لِلْبَرَاءِ حَدِّثْنِي عَمَّا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– مِنَ الْأَضَاحِيِّ قَالَ:
قَامَ رَسُولُ اللَّهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– وَيَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِهِ، فَقَالَ: )أَرْبَعٌ لَا يَجُزْنَ الْعَوْرَاءُ: الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي)]النسائي[
النيابة في ذبح الأضحية
الأفضل للمضحي أن يقوم بذبح أضحيته بنفسه فإن لم يستطع الذبح جاز له أن ينيب غيره في ذبح أضحيته ويشهد المضحي أضحيته بنفسه إذا أمكنه ذلك.
هل تقوم الصدقة مقام الأضحية
لا تقوم الصدقة مقام الأضحية في أيام النحر؛ لأن الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام وفعلها في وقتها أفضل من التصدق بثمنها.
ومما يدل على أفضلية الأضحية على غيرها في أيام النحر هو أن النبي –صلى الله عليه وسلم- ضحى والخلفاء من بعده ضحوا، ولو علموا أن الصدقة أفضل لعدلوا عن الأضحية إلى الصدقة.
ولأن تقديم الصدقة على الأضحية في أيام التشريق يؤدي إلى ترك شعيرة من شعائر الإسلام وسنة سنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-.
كيفية النحر
يسن نحر الإبل أي الجمال معقولة الرجل اليسرى الأمامية؛ لقول الله تعالى: (فاذكُرُوا اسْم اللهِ عَليْها صوَافَّ) أي قياما، فإن خشي أن تنفر منه أناخها، قال ابن عباس: “إِذا أَردْتَ أَنْ تَنْحَر البدَنَة فأَقمها”.
ومما يدل على أنها تنحر قائمة قول الله: (فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا).
عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ: (ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-)[البخاري].
وعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (وَنَحَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ) [البخاري]
ويكون النحر للإبل من أسفل الرقبة من جهة الصدر.
وأما البقر والغنم فتوضع الذبيحة على جنبها الأيسر ويضع رجله اليمنى على رقبتها، ثم يمسك برأسها ويذبح، فلا تذبح قائمة ولا باركة؛ لأنه أرفق بها.
ويكون الاضجاع على جانبها الأيسر؛ لأنه أيسر للذابح في أخذ السكين باليمنى وإمساك رأسها باليسار، ويكون الذبح من أعلى الرقبة من عند الرأس.
ذبح الأضحية يكون ليلا أم نهارا
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن ذبح الأضحية يجوز ليلا أو نهارا في أيام النحر لكن استحبوا أن يكون الذبح نهارا.
ما يسن فعله بالأضحية
ينبغي على المضحي أن يقوم بإحداد السكين، وتعجيل إمرارها على الذبيحة، ويستحب ألا يحد السكين بحضرة الذبيحة، وألا يذبح بهيمة أمام أخرى، ويسوق الأضحية لمكان الذبح سوقا جميلا ولا يجر برجلها إليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه- قال:
(إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)[مسلم]
ما يقوله المضحي عند النحر
يسن للمضحي أن يقول عند الذبح: بسم الله والله أكبر
عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (ضَحَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ) قَالَ: (وَرَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ، وَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) قَالَ: (وَسَمَّى وَكَبَّرَ)[البخاري]
وصفحة الشيء وجهه وجانبه، وفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك ليكون أثبت له ولئلا تضطرب الأضحية.
ما يستحب للمضحي بعد الذبح
1 – أن ينتظر حتى تسكن جميع أعضاء الذبيحة.
2 – أن يأكل المضحي من أضحيته ويطعم ويدخر، قال الله: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ).
3 – والأفضل أن يقسمها أثلاثا: فيتصدق بالثلث، وثلث لأقاربه وأصدقائه، ويدخر الثلث، وللمضحي أن يهب من أضحيته الغني والفقير.
وذلك لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا)]مسلم[
بيع شيء من أجزاء الأضحية
لا يجوز بيع شيء من أجزاء الأضحية لا لحمها ولا جلدها ولا صوفها ولا غير ذلك، ولا يعطى الجرار شيئا من جلدها ولا لحمها على سبيل الأجرة؛ لأن ذلك في حكم البيع والأضحية لا يباع شيء منها.
ادخار لحوم الأضاحي
عامة أهل العلم على جواز ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، وأما حديث النهي عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام فهو حديث منسوخ وقد كان النهي بسبب الدافة وهم ضعفاء الأعراب من الفقراء الذين كانوا يقصدون الأمصار.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ، فَقَالَتْ: صَدَقَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(ادَّخِرُوا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ)
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ، وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَمَا ذَاكَ؟) قَالُوا: نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ:
(إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا)]مسلم[
فرسول الله –صلى الله عليه وسلم- نهاهم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث في بداية الأمر ليوسع من يملك اللحم على من لا لحم عنده.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث ليتسع ذو الطول على من لا طول له، فكلوا ما بدا لكم، وأطعموا وادخروا)]الترمذي[