آداب الخطيب أثناء الخطبة منها ما يتعلق بالخطبة ومنها ما يتعلق بصفة الخطيب أثناء أدائه للخطبة.
صفة الخطيب ولهجته في الخطبة
كان من صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خطب في الناس أن يرتفع صوته ويشتد غبضبه كأنه ينذر قومه من عدو يداهمهم بسبب خوفه عليهم مما ينتظرهم في آخرتهم.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ ، وَعَلَا صَوْتُهُ ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ ، وَيَقُولُ:
بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ . وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ ، وَالْوُسْطَى ، وَيَقُولُ:
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) ثُمَّ يَقُولُ:
(أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ)[مسلم].
قال الطيبي: ” مثل حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته وإنذاره القوم بمجيء القيامة ، وقرب وقوعها ، وتهالك الناس فيما يرديهم بحال من ينذر قومه عند غفلتهم بجيش قريب منهم ، يقصد الإحاطة بهم بغتة من كل جانب بحيث لا يفوت منهم أحد ، فكما أن المنذر يرفع صوته ، وتحمر عيناه ، ويشتد غضبه علي تغافلهم ، كذلك حال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الإنذار ، وإلي قرب مجيئها أشار بإصبعيه “[شرح المشكاة].
وقال النووي: ” يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة ويرفع صوته ويجزل كلامه ويكون مطابقًا للفصل الذي يتكلم فيه من ترغيب أو ترهيب ، ولعل اشتداد غضبه كان عند إنذاره أمرًا عظيمًا وتحديده خطبًا جسيمًا “[شرح النووي على مسلم].
يرفع الخطيب سبابته على المنبر
استحب قوم للخطيب أن يرفع سبابته في الخطبة دون يديه واجاز ىخرون جواز رفع اليدين أثناء الخطبة ولكل دليله.
عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ أنه رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ فَقَالَ: (قَبَّحَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ)[مسلم].
قال القاضي عياض: ” كره قوم من السلف رفعَ اليدين في الخطبة والدعاء ، وهو قول مالك ، وحجة من قال ذلك هذا الحديث .
وأجازه آخرون ، وهو قول بعض أصحابنا ، وحجتهم رفع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يديه ومدَّها في الخطبة والدعاء يوم الجمعة حين استسقى “[إكمال المعلم بفوائد مسلم].
ما يستحب قراءته في صلاة الجمعة
صلاة الجمعة صلاة جهرية ويستحب قراءة سبح اسم ربك الأعلى في الركعة الأولى وهل أتاك حديث الغاشية في الركعة الثانية، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضا أنه كان يقرأ الجمعة والمنافقون وكان هذا هو الأكثر من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ ، وَفِي الْجُمُعَةِ، بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) قَالَ: (وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ)[مسلم].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ، وَأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ: الْجُمُعَةِ ، وَالْمُنَافِقِينَ)[مسلم].
قال ابن الأثير: ” المشهور عنه في صلاة الجمعة بسورة: الجمعة والمنافقون ، وليست الغاشية ، وسبح ، بمنزلتهما في كثرة الوقوع منه ، فكان الأخذ بهما أولى “[الشافي في شرح مسند الشافعي].
وسبب القراءة بسورة الجمعة والمنافقون ” لما فيها من الوعظِ ، وأحوال أهل الآخرة ، والتذكير، وأما قراءته بـسبَّح ، والغاشية ، في العيد وفى الجمعة إذا اجتمعا في يوم على ما ذكره في الحديث ، فلعله لتخفيف صلاة الجمعة لينصرف الناس الذين يشهدون العيدين من أهل العوالي إلى منازلهم ، ليشهدوا بقية يوم عيدهم مع من تركوه من عيالهم”[إكمال المعلم بفوائد مسلم].
للاطلاع على المزيد: